نصائح وتوجيهات لمن يرغب في دراسة التاريخ الإسلامي

2004-01-25 08:53:58 | إسلام ويب

السؤال:
أريد أن أقرأ عن التاريخ من قبل أن يبعث الرسول، وعن بعثته، وعن سيرته وسيرة التابعين بعده، وعن الخلفاء الراشدين والأمويين والعباسيين إلى الوصول لعصر العثمانيين، وبخبرتي القليلة هي آخر الخلافات وبعدها تبدأ الاستعمارات الغربية على بلاد المسلمين.
أرجو من سيادتكم أن تساعدوني بإعطائي أسماء بعض الكتب التي ستساعدني لمعرفة تسلسل الأحداث التاريخية من عصر الرسول إلى الاستعمارات الغربية في داخل الوطن العربي.
وجزاكم الله خيراً.




الإجابــة:

بسم الله الرحمن الرحيم
ابنتي العزيزة/ أسماء

أسأل الله العظيم أن يوفقك لما يحبه ويرضاه، وأن ينفع بك بلاده والعباد وأن يلهمنا وإياك السداد والرشاد.
وبعد:

فإن طلب العلم هو أول مطلوب قال تعالى: (( فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ))[محمد:19]^ وهو آكد الواجبات كما قال النووي رحمة الله عليه .

وأفضل العلم هو ما يصح به اعتقاد المسلم وعبادته لربه سبحانه، وهذا القدر واجب عيني على كل مسلم ومسلمة، وأصدق الكلام كلام الله، وأكمل الهدى هدى محمد صلى الله عليه وسلم وأوثق الأخبار هو ما جاءنا عن طريق الوحيين كتاب الله وسنة النبي صلى الله عليه وسلم.

والصواب أن نشغل أنفسنا في البداية بتعلم القرآن وهدي خير الأنام ثم بعد ذلك لا مانع من دراسة التاريخ وشتى العلوم.

ودراسة التاريخ مفيدة للإنسان لأنها تكسبه تجارب وخبرات، خاصة إذا قرأ للاعتبار والاتعاظ، وكيف أن سنة الله ماضية بإهلاك المكذبين وأن الأمم يلحقها الدمار بعصيانها لله، ومخالفة رسله وأوامره.

ولكن التاريخ الإسلامي بكل أسف لم يجد أقلاماً منصفة لتخلصه من الأكاذيب والدسائس؛ لأن تاريخنا كتب جزء كبير منه بأيدي أعداء الإسلام، وامتدت إليه أيادي أصحاب الهوى والبدع، وكتب بأيدي الخصوم والمخالفين، فالدولة الأموية كتب تاريخها في عهد الذين بعدهم وهكذا ...
كما أن كثيراً من الكتاب اكتفى فقط بالأحداث التاريخية فقط بل واقتصر على تاريخ الملوك فقط دون التطرق لحركة المجتمع والعلم والثقافة والعمران.
وننصح كل دارس للتاريخ الإسلامي بما يلي:

1- إحسان الظن بسلفنا الأبرار، وخاصة إذا كان الأمر يتعلق بالصحابة الأطهار، فإن معظم المعلومات المتاحة فيها ظلم وانتقاص من شأن أولئك الكرام، وهنا ننصح بقراءة كتاب العواصم من القواصم لأبي بكر بن العربي، وكذلك ما كتبه شيخ الإسلام بن تيمية.

2- وضع المحاسن إلى جوار المساوئ حتى نكون منصفين (كفى بالمرء نبلاً أن تعد معايبه)؛ ويكفي أن نعلم أن شريعة الله كانت قائمة وكذلك أعلام الجهاد كانت مرفوعة، ولكن مع ذلك يخيل لمن يقرأ التاريخ أن السلاطين اشغلوا بالجواري والغناء والخمور وهذا ظلم كثير، فهارون الرشيد عندما يذكر اسمه يتبادر لذهن العوام الغفلة وربما المجون مع أنه كان يحج عاماً ويغزو عاماً وكان يطلب العلماء الناجحين.

3- الأخبار التي جاءتنا عن طريق أهل الكتاب لا نصدقهم فيها ولا نكذبهم وغالباً لسنا في حاجة لها، وحتى من ذكرها من المؤرخين كان هدفه الإحاطة بكل ما ورد في القضية المعينة، فكتب التاريخ تحتاج للتنقيح والتصحيح، وقد بدأت هذه المسيرة في بعض الجامعات والمراكز العلمية، ونسأل الله أن يكلل هذه الجهود بالنجاح.

4- قراءة الكتب التي تركز على الضوابط التي ينبغي مراعاتها عند دراسة التاريخ الإسلامي، وكذلك تلك التي تنبه على الأخطاء وتكشف الأباطيل .

5- عند قراءة ما كتبه علماء الأمة الكبار مثل الطبري وابن الأثير وابن كثير وغيرهم يجب الملاحظة أن هذه الكتب جمعت كل ما ورد وهي لا تزال تحتاج لخدمة كبيرة للتنقيح، ولم تتاح الفرصة لمؤلفيها الكرام للقيام بهذه المهمة العظيمة، وحتى يحدث ذلك يجب أن يقرأ هذه المؤلفات أهل الاختصاص ويستخرجوا لنا الدرر.

6- يجب أن يعرف الإنسان لمن يقرأ فقد كتب جزء كبير من تاريخنا بأيدي أصحاب الهوى من أهل الملل والنحل، بل وحتى بأيدي النصارى والمستشرقين الذين حرصوا على تفريغ التاريخ الإسلامي في محتواه وجعله روايات في العشق والمجون والغرام وربما جعلوا سبب الانتصارات الكبرى الحصول على المال والظفر بالحسناوات وكبرت كلمة تخرج من أفواههم إن يقولون إلا كذباً.
وبالله التوفيق.


www.islamweb.net