أعاني من خوف وجبن من الآخرين وعدم ثقة في نفسي

2015-03-01 03:17:56 | إسلام ويب

السؤال:
السلام عليكم

أشكو إليكم مأساتي، أنا شاب وأعاني من خوف وجبن من الآخرين، وعدم ثقة في نفسي، ولا أدري ما السبب؟! قد يكون التربية؛ لأن والدي كان طيب القلب وضعيف الشخصية، متسامحاً مع الآخرين، ودائما أراه يسكت عن حقه ويسامح، ولكنه ضعف وليس شيئاً آخر.

أعاني من ذلك وأحس أنه شيء وراثي، وليس بيدي تغييره، وحاولت مرات عديدة ولم أستطع أن أتغلب على خوفي.

من الأمثلة على ذلك صاحب البناية تعدى علي باللفظ، وأنا أتناقش معه في مشكلة، ولم أفعل شيئاً وسكت وخفت أن يؤذيني أو يطردني من الشقة أنا وأسرتي على الرغم من أنه لا يستطيع فعل ذلك، والخوف يتغلبني وأنا صاحب حق ولست ظالماً لأحد.

كلما كانت هناك مواجهة لظالم أو شخص جار علي أجد نفسي خائفاً متوتراً وقلقاً، وأخشى كل شيء!

ماذا أفعل في تلك المواقف، والحياة أصبحت صعبة على أمثالي الذين يخشون من المواجهة والمشادات لأخذ حقي؟

أرجوكم صفوا لي سورة من القرآن تداويني وتقوي قلبي، وخطوات أفعلها أو كتاب اقرأه يعلم الإنسان كيف يقوي قلبه، حتى لا أخشى أحداً غير الله؟

ساعدوني أرجوكم وحسوا بحجم المشكلة التي بي.

الإجابــة:

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ ظافر حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك - أيها الولد الحبيب – في استشارات إسلام ويب.

ما تعاني منه – أيهَا الحبيب – مما سميته أنت خوفًا وجبنًا من الآخرين، لا ندري ما هو القدر الذي تعيشه وتشعر به.

أما ما ذكرته من الأمثلة فلم نر فيها جُنبًا، بل الاحتمال والصبر على إساءة الآخرين، أحيانًا تكون مما يُمدح به الإنسان لا مما يُذم، وتكون من الأخلاق الفاضلة لا المرذولة، والله سبحانه وتعالى مدح الكاظمين الغيظ والعافين عن الناس، فقال سبحانه وتعالى: {وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السموات والأرض أعدت للمتقين * الذين ينفقون في السراء والضراء والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يُحب المحسنين}.

الحلم والصفح من الأخلاق الفاضلة أيضًا التي يُمدح بها الإنسان، ولكن هناك حدود فاصلة بين الأخلاق الفاضلة المستحبة وبين الأخلاق المرذولة التي يبغضها الله تعالى، فالشجاعة والانتصار والعزة، كل هذه أخلاق جميلة، ولكن هناك فواصل دقيقة تفصلها عن أضدادها من الأخلاق المرذولة.

الشجاعة خلق جميل قد تتجاوز الحد فتصير تهورًا، وقد تنقص عن الحد المطلوب فتصير جُبنًا وخورًا، ولكن المحبوب منها، والمطلوب من الإنسان هو الإقدام في مواضع الإقدام والإحجام في مواضع الإحجام، بأن يرى الإنسان ما تؤول إليه الأمور هل الانتصار للنفس في هذا الموضع هو مما يُحبه الله تعالى ويرضاه؟ وهل يؤدي إلى مصالح فيُقدم ويتوكل على الله تعالى أم العكس، فيكون الانتصار للنفس في هذا الموطن مما لا يُحبه الله؟ كأن يكون الأولى بالإنسان العفو والصفح والتجاوز عن الزلة؛ لأن من أخطأ عليه زلَّت لسانه ولا يُعدُّ منه ذلك النوع من الإساءة ونحو ذلك، أو كان الانتصار للنفس سيؤدي إلى مفاسد أعظم، ففي هذه الحالة يكون الإحجام والتقصير أفضل من الشجاعة والإقدام.

هكذا عُرف الدُّهاةُ والعقلاء من الناس، وقد ذكر العلماء أن عمرو بن العاص – رضي الله تعالى عنه – وهو المعروف بأنه من دُهاةِ العرب، قال له معاوية: (لقد أعياني أن أعرف شُجاعًا أنت أم جبانًا فإنك تتقدم حتى أقول: من أشجع الناس، وتجبن حتى أقول: من أجبن الناس) فقال عمرو – رضي الله تعالى عنه -: (شجاعٌ إذا ما أمكنتني فُرصةٌ، فإن لم تكن لي فرصةٌ فجبانُ).

ليس الإقدام هو المطلوب على الدوام – أيهَا الحبيب – ولذلك نحن ننصحك بأن لا تُبالغ في تأنيب نفسك وجلد ذاتك، والوقوع تحت سيطرة هذه الأوهام، ولكن حاول أن تتغلب في بعض المواقف على تراخيك وتراجعك.

أما ما ذكرته من أدعية أو سور أو نحو ذلك، فإنه ليس هناك شيئا مُحددا يمكن أن نُحيلك عليه، ولكن التحصُّنِ دائمًا بالأذكار، وقراءة الآيات التي فيها التوكل على الله تعالى، وقراءة كلام العلماء الذي كتبوه في منزلة التوكل على الله، والإيمان بقدر الله تعالى، كل ذلك يقوي قلبك على أن توقن تمام اليقين أنه لا يُصيبك إلا ما كتب الله تعالى لك، كما قال علي – رضي الله تعالى عنه -:
أي يومي من الموت أفر * يوم لا يُقْدَر أم يوم قُدر
يوم لا يقدر لا أرهبه * ومن المقدور لا ينجو الحذر.

نوصيك أن تقرأ ما كتبه العلماء حول الإيمان بالقضاء والقدر، وأن كل شيء بقضاء وقدر.

نسأل الله تعالى بأسمائه وصفاته أن يأخذ بيدك إلى كل خير.

www.islamweb.net