انقلب حالي وقسا قلبي ولم أعد أخشع كما كنت!

2015-04-29 06:06:26 | إسلام ويب

السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله

أرجوكم أنا بأمس الحاجة لكم بعد الله، أنا فتاة في العشرين، نشأت على حب الله ورسوله –صلى الله عليه وسلم- والتمسك بالدين، كنت دائما مع الله، كان قلبي لينا وخاشعا، دائما كنت أخشى الله وأدعوه أن يحفظ لي ديني، كنت دائما أرجوه وأدعوه بخوف إلى أربع سنين مضت، ثم بعد ذلك انقلبت مئة وثمانين درجة، قصتي طويلة ولا يسعني الوقت لذكرها، والله إني أشعر أن قلبي أصبح قاسيا، وأحاول أن أخشع ولا أقدر، أحاول أن أخشى الله كما كنت ولا أقدر.

دلوني على الطريق أرجوكم.


الإجابــة:

بسم الله الرحمن الرحيم
الابنة الفاضلة/ سحر حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك –ابنتنا الكريمة- في استشارات إسلام ويب، نشكر لك تواصلك معنا وثقتك فينا، ونسأل الله تعالى أن يُعيننا على أن نُقدِّم لك ما فيه منفعة لك.

ما تشتكين منه –أيتهَا البنت الكريمة– من قسوةٍ للقلب بعد لِينه، أمرٌ معلومٌ إذا عُلمتْ أسبابه، فإن القلوب تتقلب، كما أخبر النبي -صلى الله عليه وسلم- إذ قال: (قلوب العباد بين أصبعين من أصابع الرحمن يقلبها كيف يشاء) ومثَّله -عليه الصلاة والسلام- بالريشة المُعلقة في الهواء، يُقلِّبها الريح يمنةً ويسْرةً، والنصوص الشرعية في هذا المعنى كثيرة، وما سُمِّي الإنسان إلا لنسيه، ولا القلب إلا لأنه يتقلَّبُ.

والإنسان المؤمن مأمور بأن يأخذ بالأسباب التي تُليِّن هذا القلب وتثبِّته على الحق والخير، فالقلوب تختلف أحوالها بحسب ما يُعرض عليها، فإنه يُعرض عليها الخير فتزيد بياضًا ورِقَّةً وصفاءً ولِينًا، ويُعرض عليها الشر والذنوب فتزيدُ ظلمةً وقسوةً وغفلةً.

وهذا المعنى قد ورد كثيرًا في نصوص الكتاب العزيز والسنة المطهرة، إذ قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (تُعرض الفتن على القلوب كالحصير عُودًا عودًا، فأيُّما قلب أشْرِبها نُكتَتْ فيه نُكتةٌ سوداء) ثم قال: (وأيُّما قلب أبغضها وردَّها نُكتَتْ فيه نُكتةٌ بيضاء، حتى تعود القلوب على قلبين...) إلى آخر الحديث، أو كما قال -عليه الصلاة والسلام-.

وقال -عليه الصلاة والسلام-: (إن المؤمن إذا أذنب كانت نكتةٌ سوداء في قلبه، فإن تاب واستغفر صُقِل قلبُه، وإن زادت زادتْ حتى تعلوَ قلبه، ذلكم الرَّان الذي ذكر الله تعالى: {كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون} رواه الإمام أحمد -رحمه الله تعالى– والترمذي، وقال: حديث حسن صحيح، ورواه غيرهما أيضًا.

ولذا فنصيحتنا لك –أيتهَا البنت الكريمة– تتلخص في النقاط التالية:

أولاً: جاهدي نفسك على القيام بفرائض الله تعالى، الفرائض التي أمرك بفعلها، واجتناب المُحرَّمات التي نهاك عنها، فواظبي على الصلوات الخمس، وأدِّي أوامر الله تعالى، واجتنبي ما حرَّمه.

ثانيًا: جاهدي نفسك على الإكثار من نوافل الأعمال، من الصيام والصلاة والصدقة، والإكثار من ذكر الله تعالى، فإن ذكر الله تعالى له أثرٌ ظاهرٌ واضحٌ سريعٌ على القلب، وقد جعله الله عز وجل مادة حياته وسبب طمأنينته، فقال: {ألا بذكر الله تطمئن القلوب}؛ فداومي على الأذكار، والإكثار منها، ستجدين لذَّتها وأثرها على قلبك.

ثالثًا: احرصي على مُجالسة النساء الطيبات الصالحات، وأكثري من مجالس الذكر وسماع المواعظ التي تُذكرك بالجنة وما فيها من النعيم، وبلقاء الله تعالى، وبالاستعداد للموت وما بعد الموت، ستجدين أثر ذلك في حياتك.

رابعًا: احرصي على الإحسان إلى الناس، لا سيما الضعفة والمساكين والأيتام والأرامل، فإن النبي -صلى الله عليه وسلم- قد أرشد إلى مسح رأس اليتيم لتحصيل لين القلب، فإذا أحسنت إلى خلق الله تعالى جازاك الله سبحانه وتعالى رِقَّة ورحمةً ورأفةً في قلبك، تجدين أثرها بإذنِ الله.

الخلاصة –أيتهَا البنت الكريمة– أن لِينَ القلب أمرٌ يمكن تحصيله بعد توفيق الله سبحانه وتعالى بالأخذ بالأسباب، فخذي نفسك بالعزيمة لتحصيل هذه الأسباب، وستجدين أثرها -بإذنِ الله-.

نسأل الله أن يوفقك لكل خير.

www.islamweb.net