ارتفاع الحرارة والتعرق وصعوبة البلع...الأسباب والعلاج
2015-08-25 01:53:50 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
أما بعد؛ فيشرفني أن أتقدم إلى سيادتكم بفائق الاحترام والتقدير، متمنيا أن يجعل الله هذا العمل في ميزان حسناتكم، وأرجو منكم أن تنصحوني في حالتي التي لم أجد لها تفسيرا.
أنا طالب جامعي، عمري 22 عاما، وقبل ما يزيد عن 19 سنة عانيت من السل على مستوى الفقرات العليا للعمود الفقري، وكان سني أنذاك 3 سنوات، وبعد أخذ العلاج المناسب لمدة لا تقل عن ستة أشهر تعافيت والحمد لله، إلا أن عدم التوعية الأسرية بضرورة إنجاز الترويض الطبي ترك اعوجاجا واضحا على مستوى الفقرات العليا للعمود الفقري.
الحمد لله، منذ مدة العلاج لم أواجه أي مشكلة سوى بروز هذا الاعوجاج الطفيف، وإلى هذه السنة وفي شهر ديسمبر حيث كنت أقوم بالتحضير لاجتياز أحد الامتحانات الجامعية، إلا أنني فوجئت بألم شديد في فقرات العمود موضع السل، وسخونة مفرطة، وغثيان، وما إلى ذلك.
اضطرت فيها للذهاب إلى دكتور العمود الفقري والدماغ، فطلب مني بعض الفحوصات (فحصا شاملا للدم، أشعة سكانير على الفقرات موضع الألم) بعد أخذ نتيجة الفحص للدكتور اتضح أن هنالك اعوجاجا عموديا وأفقيا في هذه الفقرات، واعوجاجا طفيفا على مستوى البلعوم، وعدم الانبساط الكلي للرئتين، وهذا كله بفعل ضغط فقرات العمود الفقري، كما ذكر الدكتور.
نصحني الدكتور بالرياضة والسباحة؛ لأن العملية غير متاحة في هذا السن، بفعل اكتمال نمو العظام، وزد على ذلك خطورتها، وتكلفتها الباهظة جدا؛ لأن هذا النوع من العمليات صعب في بلداننا، ونحن ننحدر من أسرة متوسطة الدخل.
أما بالنسبة للتعداد الكامل للدم فكل النسب عادية، ما عدا ارتفاعا طفيفا في مستوى الهيماتياس، بفعل التهاب بكتيري كما ذكر الدكتور.
مررت بفترة لا تقل عن شهر حيت ذهبت الآلام والحمد لله، إلا أن هنالك أعراضا أخرى، كالتعرق عند بذل أدنى مجهود، وضبابية على مستوى العين، ودوخة، وألم الرأس، وآلام في الجهة اليمنى من الصدر، تمتد إلى عضم القفص، والإحساس بحرارة باطنية، إلا أن المقياس يشير أن الحرارة معتدلة، وتصل في بعض الأحيان كأقصى حد في هذه الفترة إلى 37.5، وبعض الأعراض تذهب لفترة ثم تعود من جديد.
صرت أقرأ هنا وهناك عن هذه الأعراض، وانتابني شعور بالخوف، أو ما يسمونه بالهوس المرضي، أقرأ الأعراض فأقول أنا فيَّ كذا وكذا، ومن شهر ديسمبر وأنا أعاني من أعراض مختلفة، تحصيلي الدراسي انخفض إلى مستوى متدنٍ، بعدما كنت أصنف من الأوائل في النتائج.
عانيت من نوبات حرارة وقت الشتاء، ومن التعرق المفرط، خاصة في الظهر واليدين والقدمين، يقول لي البعض إنها أعراض العين والحسد، فعملت فحوصات للغدة الدرقية فطلعت الفحوصات سليمة ولله الحمد، وعملت تخطيط قلب، وأفاد الدكتور بأنني سليم، وعملت أكثر من مرة فحوصات بالأشعة السينية إكس على الصدر، وعملت تحليلا للسل فتبين أنني لا أعاني منه والحمد لله.
في الآونة الأخيرة عانيت من انتفاخات على مستوى البطن، وغازات، والإحساس بأنني ممتلئ، وصعوبة في بلع الطعام، وعندما آكل أحس بأن الطعام واقف خلف عظم القفص، ذهبت لدكتور الجهاز الهضمي فقال لي هنالك أعصاب المعدة، ووصف لي بعض الدواء للانتفاخ، وغازات البطن والاكتئاب (مثل نو-ديب 50مغ، كاربصرب، وبرازول أومبيرازول 20مغ)، معظم الدكاترة يصفون لي أدوية للاكتئاب، علما أنني لا أعاني من نوبات اكتئاب أو ما شابه، رغم نظرة المجتمع لي من ناحية الاعوجاج الذي في الظهر.
الحمد لله أنا شخص متدين، أمشي في الطريق المستقيم لا أعصي الله، وأتساءل بعض المرات لماذا الله لم يعفُ عني، فأنا لم أفعل شيئا رديئا في حياتي والحمد لله؟
الآن أتابع مع دكتور طب باطني، طلب مني إنجاز بعض الفحوصات لمعرفة سبب صعوبة البلع، والتعرق المفرط عند بذل أدنى مجهود من الظهر واليدين والقدمين، وفي بعض الأحيان من الجسم كله، هذه الفحوصات من قبيل نشاط الغدة الدرقية، أشعة أكس على الصدر، والفحوصات سليمة ولله الحمد.
أما الآن فطلب إنجاز تنظير للجهاز الهضمي والمريء؛ ليرى السبب الكامن وراء صعوبة البلع، وكأن الطعام وراء عضم القفص والانتفاخ المتكرر، أما بالنسبة للتعرق فقال يمكن أن يكون المشكل كامن وراء تأثير الاعوجاج في فقرات العمود الفقري على الجهاز العصبي، فهل هذا ممكن؟
أشكو في الوقت الحالي من الحموضة أو حرقة في المعدة، وألم في الصدر متمركز في جهة اليمين، يزداد الألم عند النوم على هذه الجهة مع كثرة التجشؤ، وخصوصا عند الأكل والنهوض من النوم، مع ألم بسيط عند البلع، وأحياناً يخرج قليل دم مع التنخم أو البزاق، وأحس فقط أنها من مستوى الحنجرة، وكذلك أشعر بارتفاع في حرارة الجسم، إلا أن المقياس يشير إلى أن الحرارة لا تتجاوز 37 درجة.
أخيرا: أرجو من الدكاترة الكرام الإفادة؛ لأنني تعبت كثيرا من الأدوية التي أثرت فيَّ أكثر مما عالجتني، وكذلك كثرة الذهاب للأطباء، وخوفي من أن يكون هنالك مرض خطير لا قدر الله؛ لأنني أود أن أرجع إلى تحصيلي العلمي، فكسلي في الدراسة ليس استهتارا، وإنما قضاء وقدر، تفكيري دائما سلبي؛ مما يوثر على نفسيتي، فصرت أكثر عصبية، وأنا الآن في أمس الحاجة إلى دعمكم عن طريق الإرشاد الصحيح، والله لا يضيع أجر من أحسن عملا.
عذرا على الإطالة، لكني لم أجد سواكم إخواني.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محسن حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
حسب ما ورد في الاستشارة فإنك تعاني حاليا من ارتفاع الحرارة بين الحين الآخر، مع تعرق وتعب عام، وصعوبة البلع، مع الحرقة، وحموضة المعدة أحيانا، مع ألم في الصدر، وكما أوردت فإن التحاليل كانت سليمة والحمد لله، وكذلك أشعة الصدر.
بالنسبة لارتفاع الحرارة يفضل إجراء دراسة موسعة لنفي عودة الإصابة بالسل، أو وجود أي حالة التهابية في أي مكان من الجسم، وإن كانت النتائج سلبية؛ عندها يمكن أن يكون السبب مجرد تأثر الأعصاب الحسية، نتيجة الإصابة السابقة بالسل.
أما بالنسبة لآلام الصدر فهي غالبا بسبب الإصابة السابقة، وتأثر الفقرات بها، كما أن حموضة المعدة تؤدي أيضا لآلام في الصدر، وتعب عام وغثيان، لذا فإن التنظير الهضمي سيساعد على تشخيص الحالة بصورة جيدة، ووضع خطة مناسبة للعلاج.
وحسب ماورد في الاستشارة فإن الأعراض التي تعاني منها لا تعتبر أعراضا خطيرة، ولا تدل على إصابة أو مرض خطير -لا سمح الله- وإنما هي غالبا مرتبطة بالإصابة السابقة، أو نتيجة لحموضة المعدة، والأعراض ستتحسن تدريجيا باستعمال العلاجات المناسبة بإذن الله.
نرجو من الله لك دوام الصحة والعافية.
__________________________________________
انتهت إجابة الدكتور محمد مازن تخصص باطنية وكلى
وتليها إجابة الشيخ أحمد الفودعي مستشار الشؤون الأسرية والتربوية
__________________________________________
مرحبًا بك -أيها الولد الحبيب- في استشارات إسلام ويب، نسأل الله تعالى بأسمائه وصفاته أن يَمُنَّ عليك بالعافية والشفاء، وأن يُعجِّل لك بالفرج.
اعلم -أيها الحبيب- أن الأقدار المؤلمة التي يُقدِّرها الله تعالى على العبد فيها خير كثير قد لا يعلم به الإنسان، ولكنَّ الله اللطيف الخبير لا يُقدِّرُ شيئًا عبثًا، ولا يفعل شيئًا سُدىً، وهو سبحانه وتعالى أرحم الراحمين، أرحم بك من نفسك ومن أمك وأبيك، فكلُّ ما يُجريه عليك من الأقدار في باطنه الخير الكثير لك شعرتَ أو لم تشعر.
وقد قال الله جل شأنه في كتابه الكريم: {وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ}، وفي البلاء والمرض من المنافع ما لا يُحصيه إلا الله تعالى، ولذلك قد قدَّر الله تعالى الإصابة بالمرض على أحب الخلق إليه، وهم أنبياؤه ورسله، وأنت تقرأ في القرآن ما ذكره الله تعالى عن نبيِّه أيوب، وأنه مسَّه الضر زمنًا طويلاً، وأثنى الله تعالى عليه بصبره، ومدحه به، وقال: {إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِرًا نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ}.
وقد كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يُوعك كما يُوعك الرجلان، أي يُصيبه من جهد الحمَّى وشدَّتها ما يُصيب الرجلين، وما ذاك إلا لأن أشدَّ الناس بلاءً الأنبياء ثم الأقرب فالأقرب إلى الله تعالى، كما جاء في الحديث: (أشد الناس بلاءً الْأَنْبِيَاءُ، ثُمَّ الْأَمْثَلُ فَالْأَمْثَلُ، يُبْتَلَى الْعَبْدُ عَلَى حَسَبِ دِينِهِ، فَإِنْ كَانَ فِي دِينِهِ صُلْبًا اشْتَدَّ بَلَاؤُهُ، وَإِنْ كَانَ فِي دِينِهِ رِقَّةٌ ابْتُلِيَ عَلَى حَسَبِ دِينِهِ، فَمَا يَبْرَحُ الْبَلَاءُ بِالْعَبْدِ، حَتَّى يَتْرُكَهُ يَمْشِي عَلَى الْأَرْضِ، وَمَا عَلَيْهِ مِنْ خَطِيئَةٍ)، وجاء في الحديث أيضًا: (إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى إِذَا أَحَبَّ عَبْدًا ابْتَلَاهُ)، وجاء فيه أيضًا: (لَا يَزَالُ الْبَلَاءُ بِالْمُؤْمِنِ أَوِ الْمُؤْمِنَةِ، فِي جَسَدِهِ، وَفِي مَالِهِ، وَفِي وَلَدِهِ، حَتَّى يَلْقَى اللهَ وَمَا عَلَيْهِ مِنْ خَطِيئَةٍ) [رواه أحمد].
ففي هذه المصائب من تكفير السيئات ورفعة الدرجات وتأهيل الإنسان لسكن الجنات، في هذه الأقدار من هذه المنافع ما لا يُحصيه إلا الله، يُوصله الله تعالى للإنسان بأسباب خفيَّة، فتذكر كل هذا يهُن عليك الأمر، وترضى نفسك بما قدَّره الله تعالى عليك، وهذا لا يعني عدم الأخذ بالأسباب للشفاء والعافية، فإن قدَر الله تعالى يقدَّر بأسبابه، فخذ بالأسباب، واحتسب أجرك على الله تعالى، واصبر، تَنَلْ خير الدنيا والآخرة.
وأما ما وصف لك من أن ما تعانيه قد يكون من أعراض الحسد أو العين، فنحن ننصحك أولاً ألا تفتح على نفسك باب هذه الأوهام، فإنها إذا تسلطت عليك أوقعتك في الجهد والمشقة، ولكن هذا لا يمنع أن تستعمل الرقية الشرعية، فترقي نفسك بنفسك، وهذا أفضل، فتقرأ على نفسك آياتٍ من القرآن الكريم كالفاتحة، وآية الكرسي، والآيتين الأخيرتين من سورة البقرة، والمعوذتين، وسورة الإخلاص، تقرأ ذلك في يديك وتنفث وتمسح جسمك، أو تقرأه على ماء فتشربه أو تغتسل به، وتواصل على التحصُّن بالأذكار الصباحية والمسائية ونحو ذلك، فإن الرقية تنفع مما نزل بالإنسان ومما لم ينزل به.
نسأل الله تعالى بأسمائه الحسنى وصفاته العلا أن يمُنَّ عليك بعاجل العافية.