أعاني من الخوف والقلق، فما الحل؟

2020-04-19 00:02:51 | إسلام ويب

السؤال:
السلام عليكم.

أعاني من الخوف والقلق تجاه كل شيء، لا أريد الخروج من المنزل، وأتغيب عن العمل دائما، وأخاف ألا أحسن التصرف ولا أجيد الرد على مضايقات الناس العادية، أو حتى المزاح الثقيل، فأصبحت أتجنبهم، ولكني لا أشعر بكل هذا مع صديقي، وأستطيع أن أكون طبيعيا معه، ولكن مؤخرا بدأت أتوتر لأني لا أستطيع الرد على مزاحه الثقيل.

أنا شخصية طيبة، ولهذا أشعر أن الجميع يستبيحني لأنهم يأمنون رد فعلي، وأنا لا أقدر على ردود الفعل المناسبة لهذه المواقف، لأن ليس هذا ما تعلمته ولا من شيمي، أنا كثير الإخفاق، ولا أحسن التصرف في أغلب الأحيان، لا أثق في رأيي أنه الصواب، لأني كثير التشتت والنسيان، أعتذر للإطالة، وأرجو أن أكون وضحت ما أعانيه، وهو الشيء الأساسي الخوف والقلق والتوتر تجاه كل شيء.

ولكم جزيل الشكر.

الإجابــة:

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أحمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

القلق والخوف طاقات وجدانية إنسانية ضرورية لنا في الحياة، لأن الذي لا يخاف لا يحمي نفسه، والذي لا يقلق لا ينجح، ويمكن أن نُضيف أن الذي لا يُوسوس لا ينضبط. فيا أخي: هذه الطاقات الوجدانية - الخوف والقلق والوسوسة - كلها طاقات وجدانية مطلوبة، لكن حين تخرج عن المستوى المطلوب وتحدث فيها انحرافات واحتقانات هنا تتحوّل إلى طاقات سلبية، وأعتقد أن هذا هو الذي حدث لك.

أول ما يجب أن تقوم به حيال نفسك هو ألّّا تُسيء تقدير نفسك، ألَّا تُقلِّل من قيمتك الذاتية أبدًا، نعم الإنسان لا يُضخم ذاته، ولا يعطيها أكثر من حقّها، لكن أيضًا من الظلم حقيقة أن تُقلِّل من شأن نفسك. الحمد لله أنت رجل مسلم، لديك عمل، لديك أسرة، فما الذي يجعلك - يا أخي - تُقلِّل من قيمة ذاتك؟ لا، يجب أن تنصف نفسك وتستكشف مصادر وقتك، (القوة الموجودة في شخصيتك، في أدائك، في إنتاجك، في تواصلك الاجتماعي)، لا بد أن تُقيّم هذا، لأن هذه هي الوسيلة الوحيدة التي تستطيع من خلالها أن تتطوّر، أن تفهم ذاتك وتعرف مصادر قوتها، وتتقبّل ذاتك، ثم بعد ذلك تستكشف السلبيات وتحاول أن تُعالجها. مهمٌّ جدًّا هذا.

ليس هنالك ما يمنع أبدًا الإنسان أن يسأل صديقه مثلاً، أو إمام مسجده: هل هناك عيوب في شخصيتي؟ وكان سيدنا عمر -رضي الله عنه- يقول: (رحم الله امرئ أهدى إلي عيوبي)، إن كانت هناك عيوب فعلاً يمكن أن تعرفها من خلال المُنصفين، كشيخٍ لك، أو إمام مسجدك، أو أستاذٍ في المرفق الدراسي مثلاً، لا تظلم نفسك أبدًا، هذا أمرٌ مهم.

والشيء الآخر: حاول دائمًا أن تكون مفيدًا لنفسك ولغيرك، الإنسان النافع لنفسه ولغيره يشعر بالفعل بقيمته الذاتية، والإنسان الذي يُجيد التواصل الاجتماعي ويقوم بواجباته الاجتماعية (مشاركة الناس في الأفراح، المشي في الجنائز، زيارة المرضى، تقديم واجبات العزاء، صلة الرحم، تفقّد الجيران، السؤال عن الأصدقاء) هذا كله يعطيك قيمة حقيقية تشعرك أن نفسك أفضل ممّا كنت تتصور، وأن تصرفك قد أصبح ممتازًا.

فيا أخي: أرجو أن تعتمد على هذه الآليات، وأحسن إدارة وقتك، هذا مهمٌّ جدًّا، الذي يستفيد من الوقت على أصول صحيحة ويوزّع وقته (ما بين العمل، ما بين العبادة، القراءة، الإطلاع، الترفيه عن النفس، الرياضة)، والرياضة مهمّة جدًّا، يجب أن تكون جزءًا من حياتك.

أخي الكريم: بر الوالدين هو الهدية العظيمة التي يُقدمها الإنسان لنفسه ليسعد في هذه الدنيا -إن شاء الله-، ولك الأجر في الآخرة، فاحرص على هذا، هذه الأمور كلها تؤدي إلى رفعة الإنسان وتطوّره نفسيًّا، العلم الحديث أثبت ذلك.

بقي بعد ذلك أن أقول لك - يا أخي -: أيضًا التمارين الاسترخائية مهمّة (تمارين التنفس المتدرج وتمارين قبض وشد العضلات ثم إطلاقها) على وجه الخصوص، هناك برامج كثيرة على اليوتيوب توضح كيفية ممارسة هذه التمارين، فأرجو أن تلجأ لوحدة من هذه البرامج.

عبّر عن نفسك أيضًا، لا تحتقن؛ لأن الاحتقان النفسي يولّد القلق والتوتر والخوف والوسوسة.

بقي أن أقول لك أنك محتاج لدواء بسيط جدًّا، دواء مثل الـ (موتيفال) أعتقد أنه سوف يكون كافيًا، ابدأ في تناوله بجرعة حبة واحدة ليلاً لمدة أسبوع، ثم اجعلها حبة صباحًا ومساءً لمدة شهرين، ثم حبة مساءً لمدة شهرين آخرين، ثم يمكنك أن تتوقف عن تناوله، وهنالك أدوية كثيرة أقوى منه، لكن لا أعتقد أنك في حاجة إليها، الموتيفال دواء بسيط وسليم.

وأسأل الله أن ينفعك به، وأشكرك كثيرًا على الثقة في استشارات إسلام ويب.

www.islamweb.net