السبيل لإصلاح النفس ودفع التردد

2003-11-29 06:15:02 | إسلام ويب

السؤال:
بسم الله الرحمن الرحيم.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..

أنا طالب في كليه الطب، مشكلتي بدأت منذ أن كنت صغيراً، لقد كان أبي يقسو علينا، وبخاصة إخوتي الكبار، رغم أنه لم يكن يبخل علينا، ولكن كنت أخاف منه، ولا زلت إلى الآن أخاف من أن أتحدث إليه في أي أمر، مع العلم بأن عمري 20 عاماً، وإن أردت شراء أي شيء أقول لأمي كي تخبره، وأمي طيبة جداً، وهو يتشاجر معها يومياً بسبب مرتبها وبسبب أشياء أخرى، وهي لا تستطيع أن ترد عليه ولو كانت محقة، وأنا لا أستطيع أن أجلس معه أكثر من 15 دقيقة في الشقة، وبطبيعة عمله لا نراه إلا ساعة واحدة يومياً.

هذه المشكلة جعلتني شخصاً غير متحمل المسئولية، شديد التردد لا تتصوروا مدى التردد داخل شخصيتي، فقد كنت في الثانوية العامة لا أذاكر ولكن إخواني هم الذين يضغطون علي، قد تعتقدون أن المشكلة بسيطة، ولكنها عندي تسبب لي آلاماً أكاد أموت منها، ومن هذا الوقت وإلى الآن وأنا دائماً أرغب في السير في الطريق الديني، وأقول هو الذي سيصلح شأني وشخصيتي، ولكن كنت أمشي فيه قليلاً ثم أعود، فنتج عن هذه الشخصية انحراف رهيب تجاه الشهوة، ولأني كنت مربى بهذه الطريقة لم أكن أستطيع أن أتحدث أو أنظر إلى أي فتاة سواءً زميلة في الثانوية العامة أو الجامعة، بل إن حدثتني فتاة زميلة أو سألتني في السكشن أرتبك بشدة وأمقت من يتحدث إلى أي فتاة، ولكن سرعان ما أهرب إلى المنزل وأصطحب معي بعض المجلات التي تحتوي على صور العاريات فأنظر فيها وأقوم بالعادة السرية، ولقد فعلتها آلاف المرات، ثم ما إن أكمل فعلها حتى أقطع هذه الصور وأمقتها، وكلما أردت التخلص من هذه الشهوة رجعت إلي، وكلما رأيت فلماً في التلفاز ورأيت راقصة أو عارية تعود لي الشهوة مرة أخرى، لقد كنت متفوقاً في دراستي من قبل، وأعلم أنني لو ذاكرت لحصلت على أعلى الدرجات، ولكن أحياناً لا أستطيع، ولا أعرف كيف أذاكر، وأتردد في كل شيء.
ففي أثناء السنوات الأربع بالكلية أصبحت أنجح "بالعافية".

مشكلة أخرى هي إذا جلست بنت بجانبي في سيارات النقل مثلاً أحس أن هناك خللاً ما في نفسي وجسدي، لست أدري كيف أجعل نفسي تتصرف بصورةٍ طبيعية، مع العلم أن زملائي يعلمون أني المؤدب المحترم .

ثم المشكلة الأخرى هي أني لا أستطيع التعامل مع أبي الذي يشكل المشكلة الكبرى التي هي سبب فشلي وعدم ثقتي بنفسي تماماً، فأعتبر نفسي إنساناً فاشلاً في التعامل مع الآخرين، وأحياناً أفعل حماقات في الرد على بعض الناس في التلفون مثلاً، فأنا فاشل في التعليم، فاشل في تعلم الطب، وأحس أنني أجهل ما أكون، فاشل في الدين، وهذه مشكلة أخري كبرى، فقد بدأت بالشهوة ثم العادة السرية ثم الجرائد والمجلات وأخيراً الكمبيوتر والمواقع الإباحية، ثم الطامة الكبرى وهي الوساوس والظنون، وقد قرأت لها رداً في هذا الموقع وأتمنى أن أسير عليه، وأنا لا أكاد أصلي أو أقرأ القرآن، وأنا غير واثق من احترام الناس لي، فقد كنت منذ 7 سنوات لاعب كاراتيه، ولكني الآن فاق وزني 100 كيلو، وأصبحت سيئ المظهر.

يا سيدي! أنا أحرج من إلقاء السلام على الآخرين، وإن ألقيته ألقيه بصوت منخفض، ثم أحس أن هؤلاء الناس قد غضبوا مني، يا سيدي إنني بعد أن أنهي كتابة هذه المشكلة وأحصل على الرد يمكن أن أعمل به ولمدة ساعة ثم لا ألبث أن أعود مرةً أخرى، لست أدري كيف أستمر على الطريق الصحيح، فأنا أتقلب بسرعة من حال إلى حال، فعلى سبيل المثال كنت أصلي آخر أيام رمضان في أحد الجوامع، ثم سرعان ما كان آخر يوم في رمضان زرت هذه المواقع الإباحية وأفسدت كل شيء.

من مشكلاتي أيضاً الخجل، أخجل أن أسأل الدكتور في الجامعة عن أي سؤال، وبتكرار ذلك أصبحت آخذ المعلومات أخذ المردد لها، لا أريد فهمها؛ لأني إن فهمتها تظهر لي أسئلة أخجل من توجيهها.

من مشكلاتي أيضاً إنني كنت أحب فتاة في مثل سني في الثانوية العامة، وكانت قريبتي ولكني لم أكلمها كلمة واحدة، فقد كنت أحبها حباً شديداً ولا زلت، بل كنت لا أنظر إليها حتى لا أجرحها بهذه النظرة، كانت متميزة في الفصل الدراسي، وكانت تأخذ معي بعض الدروس، ولكن كل هذا الحب كان في كتمان شديد، ولم أخبر إلا صديقاً واحداً باسمها، ولكن سرعان ما تغير الحال وتفرق كلانا؛ أنا وهي.
أحياناً أفكر فيها وأتذكرها .

مشكلة أخيرة: حين أدخل علي بعض المواقع "مواقع عربية مشهورة" وأجد أناساً يطعنون في الإسلام أتأثر بشده كيف يتطاولون علي الإسلام وأخشى أن أصدقهم في ذلك.
أجيروني أجاركم الله، كيف السبيل لإصلاح النفس؟ أرجو الإسراع في الرد لضيق الوقت.
والمعذرة إن كنت أطلت.

وجزاكم الله كل الخير.


الإجابــة:

بسم الله الرحمن الرحيم
الابن الكريم الدكتور/ أحمد .. حفظه الله:
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته .. وبعد:
فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك استشارات الشبكة الإسلامية، فأهلاً وسهلاً ومرحباً بك في موقعك، وكم يسعدنا اتصالك بنا دائماً في أي وقت وفي أي موضوع، كما يسعدنا أن نسمع عنك أخباراً طيبة، وأن تكون طبيباً ماهراً يضرب به المثل في العلم والخبرة والخلق والدين، وما هذا على الله بعزيز، ونسأله جل وعلا أن يثبتك على الحق، وأن يربط على قلبك، وأن يرزقك الثقة فيه ثم في نفسك، وأن يجعلك من عباده الصالحين الفائزين المتفوقين، وأن يحقق آمالك الدنيوية والأخروية، وأن يتوب عليك.

وباطلاعي على رسالتك وجدت أن فيك خيراً كثيراً، وأن مثلك سيكون له مستقبل باهر إن شاء الله، وأنه لا ينقصك شيء سوى ترتيب بعض الأمور فقط، وهذا كله ليس بالمستحيل، وإنما بشيءٍ من الصبر والتحمل والأناة والثقة بالنفس ستكون إنساناً عظيماً إن شاء الله، وإليك إشارات متواضعة للمساعدة في الخروج من هذه الحالة:

1- موضوع التردد الشديد الذي تعاني منه مع كونك غير قادر لتحمل المسئولية، وأنك شديد الخجل حتى من السؤال عن الأشياء المهمة لك في الدراسة وغيرها، وحتى من إلقاء السلام، فهذه المظاهر كلها -ولدي العزيز الدكتور أحمد- إنما هي ثمرة طبيعية لهذه التربية الغير سوية، والتي تقوم على عدم التفاهم والخوف.

لست وحدك تعاني من هذه المشكلة، فهناك مثلك الكثير الذين يعانون من نفس معاناتك بل أشد، وما ذلك إلا بسبب هذه التربية القاسية، وقد تظل هذه الأعراض والمظاهر معك إذا لم تحاول الثورة عليها ومحاولة التخلص منها، وأنا واثق من أنك قادر على ذلك بإذن الله، فعليك أن تعلم أن هذه الأشياء ليست فيك أصلاً، وإنما أنت اكتسبتها من خلال الأسرة والتربية القاسية، وما دام الأمر كذلك فإنه بمقدورك أن تتخلص منها لو صدقت في ذلك وكانت لديك الرغبة الصادقة والقوية في ذلك.

وأنصحك بزيارة بعض المكتبات وشراء بعض الكتب التي تتحدث عن الثقة بالنفس، وكيف تكون قادراً على اتخاذ القرار المناسب في الوقت المناسب؟ وكيف تقاوم التردد؟ وكيف تتخلص من الخجل؟ وهذه الكتب متوفرة بكثرة في المكتبات بمصر بشرط أن تكون علمية وليست إنشائية أو ألفها غير المتخصصين، ومن هذه الكتب كتاب من الحجم الصغير من كتب الموسوعة النفسية عنوانه: " تغلب على الخجل، سيطر على نفسك، عرض وتلخيص/ عبد اللطيف شرارة، مكتبة دار إحياء العلوم، بيروت" وكتيب: "كيف تنمي ثقتك بنفسك؟ كتاب المعارف الطبي، تأليف/ رياض حبيب يوسف"، وكتاب: "كيف تزرع الثقة بنفسك ومن حولك؟".

إلى غير ذلك من الكتب النفسية المتخصصة التي تعالج مثل هذه الأمور، حاول اقتناءها والاطلاع عليها والاستفادة منها، فهي مفيدةٌ جداً، وسوف يجعلها الله سبباً في اكتسابك للصفات الناقصة عندك، وتخلصك من تلك الصفات التي تشكو منها، وسوف تصبح إنساناً سوياً ومتفوقاً ومتميزاً، بل وستكون من السعداء الذين يوزعون السعادة على غيرهم، وسوف تستقر أمورك تماماً؛ بشرط أن تأخذ الأمر مأخذ الجد، وتصبر على القراءة والاطلاع، وتطبق ما تقرأ أولاً بأول.

2- موضوع الإفراط في العادة السرية وعنف الشهوة عندك هو غالب ما يكون عبارة عن رد فعل للكبت والحرمان الذي تعاني منه، إذ تحاول نفسك أن تعوضك نقصها بهذه التصرفات المدمرة، وأنصحك بالاطلاع على الاستشارات المتعلقة بالعادة السرية والمواقع الإباحية، فإنك سوف تستفيد منها إن شاء الله، والتخلص من هذه العادة أيضاً يتوقف عليك شخصياً، بمقدورك وبسهولة أن تتخذ قراراً قوياً بعدم الإقدام عليها، وسوف تتخلص منها نهائياً، فالتخلص من العادة السرية أو الدخول إلى المواقع الإباحية ليس مستحيلاً، وإنما يحتاج فقط إلى عزيمة وقوة إرادة، وأنت سوف تكتسب ذلك من الكتب المذكورة.

3- مسألة التدين وترددك في ذلك، وعدم مواظبتك على الصلاة رغم غيرتك على الإسلام وحبك الشديد له يدل على ضعف إيمانك ونقص دينك، والتخلص من هذا الضعف والتردد وعدم الاستقامة أيضاً متوقف على قرار جريء منك أولاً، ثم محاولة الاطلاع على بعض المواد الدعوية المعتدلة التي توفر لك الزاد المطلوب، ومن هذه المواد الدعوية الكتيب الذي يتحدث عن الإيمان بأسلوب عصري مبسط وصغير الحجم؛ حتى يمكنك قراءته بسرعة مثل كتيب صغير جداً عنوانه: ظاهرة ضعف الإيمان للشيخ/ محمد المنجد، وله شريط بنفس العنوان، وقد يكون لغيره أفضل منه، وبسماعك لهذه الأشرطة التي تتحدث عن الإيمان واطلاعك على بعض هذه المراجع سوف يقوى إيمانك وتصبح من المستقيمين على الدين، وتشعر فعلاً بحلاوة الإيمان.

4- عليك بالبحث عن صحبة صالحة تعينك، وتأخذ بيدك، ولا تنتقصك أو تقلل من شأنك، وتعطيك رسائل إيجابية تقوي بها عزيمتك.

5- احرص على حضور بعض الندوات والمحاضرات الدينية المتوفرة حولك.

6- اجعل لك ورداً من القرآن ولو كان صفحة واحدة يومياً.

7- حافظ على أذكار الصباح والمساء مهما كانت ظروفك النفسية والصحية.

8- اطلب من والدتك الطيبة أن تدعو لك؛ لأن دعاءها مستجاب إن شاء الله.

9- أكثر من الدعاء بكل شيء تحبه، خاصةً التخلص من تلك الأشياء المدمرة، واكتساب الثبات على الدين والثقة بالنفس، وحب الله ورسوله.

10- أعلم أنك قادرٌ على ذلك كله وأكثر منه، فلا تضيع فرصتك، ولا تجعل الشيطان يضحك عليك ويوهمك بعدم قدرتك على تغيير نفسك، بل على العكس أنت قادرٌ ما دمت تؤمن بالله ورسوله وتحب دينك، ونرجو أن نسمع عنك خيراً في القريب العاجل.

ولمزيد الفائدة يراجع:
• أضرار هذه العادة السيئة: (2404 - 3858 - 24284 - 24312 - 260343).
• كيفية التخلص منها لمن ابتلي بها: (227041 - 1371 - 24284 - 55119).
• الحكم الشرعي للعادة السيئة: (469 - 261023 - 24312).

وبالله التوفيق.

www.islamweb.net