متخرجة منذ سنتين وأشعر باكتئاب وقلق!
2020-11-12 00:38:06 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم
أبلغ من العمر 23 سنةً، أعاني كثيرا من الاكتئاب والقلق لفترات كثيرة، أحس أنني مشغولة البال على الدوام، ودائما أفكر لأجد نفسي في دوامات من القلق والخوف، بالرغم من أن حالتي المادية مستقرة والحمد لله.
أحافظ على صلاتي وحفظ القرآن، وأغلب مشاكلي مع أهلي.
مؤخرا صرت لا أطيق حتى البقاء في البيت؛ لأن بيتنا صغير جداً، دائما أحس بالانزعاج منهم، حتى الأوقات التي أحب أن أختلي بها مع نفسي لكي أرتاح، لكنهم لا يفهمون هذا، ويظنون أنني أفتعل هذا عمداً.
جملة (لقد تغيرت) دائما على لسانهم، وأحاول كثيرا أن أصبر على نفسي، وأبحث فيما يمكن أن يصلحها من حسن ظن بالله، تطوير لمهاراتي، ومداومة قيام الليل، وأن لا أترك نفسي للفراغ، خصوصاً أنني تخرجت منذ سنتين، لكن لا فائدة.
أفيدوني جزاكم الله خيرا.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ إسراء حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أرحب بك كثيرًا في الشبكة الإسلامية، وأسأل الله لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد.
أنا أعتقد أن نوعية الاكتئاب الذي تعانين منه هو اكتئاب ظرفي، ليس اكتئابًا بيولوجيًّا حقيقيًّا، فيظهر أن تركيبتك النفسية فيها نواة قلقية زائدةً بعض الشيء، وقطعًا القلق هو الذي دفعك نحو النجاح وإكمال الدراسة، وبعد ذلك أصبح هذا القلق يحتقن، تخرّجت منذ سنتين، وليس هناك منافذ لتوجيه هذا القلق والاستفادة منه، فأصبح يتراكم ويتكون ويحتقن ليتحول إلى قلق سلبي؛ ممَّا أدَّى إلى شعورك بالضجر ووصلت لما نسمِّيه بمرحلة (عدم التكيُّف) مع واقع أسري، واقع طيب، أسرتك كريمة، لكنك أصبحت تتضجرين من مجرد التفاعل مع بقية أعضاء أسرتك الكريمة، وسور المنزل، أشياء أصلاً موجودة، لكن الآن نسبةً لاحتقان القلق السلبي بدأت تظهر عليك بوادر عدم التحمُّل، وعدم التواؤم، وعدم التكيُّف مع واقع أصلاً هو موجود.
فيا -أيتها الفاضلة الكريمة-: أرجو أن تُعيدي النظر، أسرتك كريمة، لا شك أن عدم التواؤم القليل يحدث، لكن الأصل والجوهر -الحمد لله- مُصان، وهو جيد، بِرِّك لوالديك، محبتك لإخوتك أمرٌ جليل. فلا بد أن تُغيري هذه المفاهيم، ولابد أن تتكيفي، ولا بد أن تتواءمي، ونحن دائمًا يجب أن نقبل الناس كما هم لا كما نريد، وأسرتنا أولى بذلك، آباؤنا وأمهاتنا أولى بأن نقبلهم كما هم لا كما نريد.
ولا بد أن تكون لك مساهمات إيجابية في الأسرة، اقترحي بعض المقترحات على أسرتك، مثلاً: لماذا لا تكون هناك حلقة قرآنية بالنسبة للأسرة؟ لماذا لا يكون هنالك نوع من اللقاء الأسري الأسبوعي يتكلم فيه في شؤون الأسرة؟ وهكذا.
لماذا لا تمارسين الرياضة؟ حتى ولو كانت رياضة المشي، أو أي نوع من الرياضات الأخرى، علِّمي نفسك أن تُحسني إدارة وقتك، أنت لديك طاقات عظيمة، لديك طاقات كبيرة (فكرية ووجدانية) يجب أن يتم إفراغها وتوجيهها التوجيه الصحيح، ادخلي في مشروع لحفظ القرآن، حضّري لدرجة الماجستير، حتى ولو كان ذلك أونلاين.
هذا هو الذي يجعلك توجّهين طاقاتك بصورة جيدة وصورة فاعلة، وهذا قطعًا سوف يجعلك تعتبرين ذاتك بصورة إيجابية؛ ممَّا ينتج عنه إن شاء الله تغيُّرٍ في مشاعرك، وفي أفكارك، وكذلك في الأفعال.
وأريدك أن تُمارسي تمارين استرخاء بكثافة، تمارين الاسترخاء هذه مهمّة جدًّا، خاصة إذا كانت مصحوبة بالتدبُّر وبالتأمُّل والاستغراق الذهني الإيجابي، توجد برامج كثيرة جدًّا على الإنترنت توضح كيفية ممارسة تمارين الاسترخاء، وحتى اليوجا، اليوجا ممتازة جدًّا، فقط يجب أن نحذر من الجانب الديني، أو الحركات التي ربما يكون فيها نوع من الرمز الديني، لكنها مفيدة جدًّا، لأنها فيها تأمُّل، وفيها استرخاء، وعلاج ممتاز جدًّا، فاجعلي لنفسك نصيبًا من هذا، وأحسني إدارة وقتك.
هذا هو الذي أنصحك به، طاقاتك النفسية يجب أن تُفتح لها منافذ جديدة لتكون طاقاتٍ إيجابية، لأنني أرى أنه لديك مقدرات كبيرة معرفية، والقلق كان الذي يُحرّكك من أجل التميُّز في الدراسة، ومن أجل تدابير الحياة، لكنّ الآن أصبح محتقنًا وجعلك تفكرين في الأمور بشيء من السلبية، ممَّا أدى إلى شيء من الضجر ومن عسر المزاج.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.