حالتي النفسية سيئة جدا وأخشى أن تقودني إلى الانتحار.

2022-03-22 00:36:27 | إسلام ويب

السؤال:
السلام عليكم.

أعاني من الاكتئاب الحاد، ورغبة في الانتحار لو لم يكن محرما في الإسلام.
أنا أعاني من خيانة الأصدقاء والوالدين السامين، عدم التوفيق لا في الدراسة ولا في الصحة، أعاني من كل شيء حرفيا.

لدي أخت واحدة أصغر مني وأعاني في علاقتي معها ولا يمكن أن أدعوها أختي أبدا للشر الذي تكنه لي الراجع لتربيتها الخاطئة، ولا يمكن إقناعي أبدا أنها سوف تتغير، فطباع النفس المؤذية لن تتغير، ووالدي الذين يستمران في تعذيبي وظلمي وتأنيبي يوميا على أبسط الأشياء، مهما حاولت تفسير سلوكياتهما لا أستطيع أن أنكر أنه أسلوب ظالم، ويكسر حالتي النفسية بالانعكاس على الجسد، ولا أنفك أبكي كل يوم وتزورني أفكار الانتحار، جراء ما أعاني منه في كل مكان سواء في المدرسة التي أعاني من الدرجات السيئة رغم محاولاتي الجاهدة التي تبوء بالفشل في النهاية، وهذا راجع لعدم توفر المتطلبات اللازمة لها ماديا ونفسيا، فأنا أعاني من الضعف المادي والصحة الجسدية المتهالكة، وطبعا صحتي النفسية المتكسرة.

مع كل المعاناة التي تحصل معي لا يمكن أن أقاوم فكرة أن الله لا يحبني وساخط علي رغم أني لا أعرف ما ذنبي.


الإجابــة:

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ هاجر حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أرحب بك في الشبكة الإسلامية.
جزى الله خيرًا فضيلة الشيخ الدكتور أحمد المحمدي، فقد وضع لك النقاط على الحروف تمامًا، وأرجو أن تأخذي بالإرشاد والاسترشاد الذي ذكره لك.

من الناحية النفسية أؤكد لك أيضًا أن رسالتك قد وجدت عناية كبيرة جدًّا، ومن الواضح أن حالة الضجر التي تعانين منها ناتجة من صعوبات في شخصيتك، أنت ما زلت في مرحلة البناء النفسي التكويني، وقد تكون بعض الصدمات الحياتية التي ذكرتِ جزءًا منها هي التي أدّت إلى هذه النظرة السالبة للحياة، والسوداوية الشديدة والمفرطة، لكن الأمور ليست هكذا.

أنا أعتقد أنك محتاجة لشيء من الإنصاف مع نفسك، محتاجة لأن تقابلي طبيبًا نفسيًّا أو أخصائي نفسي ليقوم بإجراء الفحوصات المتعلقة بسمات الشخصية، ومن ثم يُوضع لك الإرشاد النفسي الصحيح، لكن بصفة عامة: يجب أن تعيشي على الأمل والرجاء، ولا يمكن أن يكون كل من حولك أو العال مُخطئ أو يستهدفك، خاصة أهلك ووالديك، ونحن يجب أن نحترم الفطرة البشرية، فعواطف الأبوة عواطف ثابتة ولا شك في ذلك. الأبناء قد يتمردون على الآباء، ونحن دائمًا نقول: إن حب الآباء والأمهات لأبنائهم وبناتهم حبٌ جبليٍّ وغريزيٍّ، لكن حب الأبناء لآبائهم وأمهاتهم يُكتسب ويُتعلّم.

فأرجو أن تُعيدي صياغة تفكيرك، وتكوني منصفة مع نفسك، وتعيشي على الأمل والرجاء، كما ذكرتُ لك، لأن هذا مطلوب.

موضوع الانتحار والتفكير في الانتحار: الانتحار أمرٌ مؤسف جدًّا، وأنا أقول لك أن الحياة طيبة، والحياة فيها خيرٌ كثير، ومهما ضاقت بالإنسان لن يكون الانتحار هو الحل، الانتحار يجلب شرور الدنيا والمآلات الصعبة في الآخرة، فأرجو أن تتمسكي بالأمل، حتى وإن كنت في أحلك ساعات الضيق، إن شاء الله تعالى يكون هنالك ضوء في نهاية الطريق، وأنت صغيرة في السن وفي مراحل التكوين، والخير يأتي إن شاء الله تعالى.

اذهبي وقابلي المختص، وأرجو إفادتي بعد ذلك.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.
--------------------------------------------------
انتهت إجابة د/ محمد عبد العليم.....استشاري أول الطب النفسي وطب الإدمان.
وتليها إجابة د/ أحمد المحمدي......المستشار التربوي.
------------------------------------------------
أهلا بك -أختنا هاجر- في موقعك إسلام ويب -، ونسأل الله أن يحفظك وأن يرعاك وأن يقدر لك الخير حيث كان وأن يرضيك به،- وبخصوص ما تفضلت به فإننا نود أن نجيبك من خلال ما يلي:

أولا: نحن نتفهم حديثك تماما، ونتفهم المعاناة التي تتحدثين عنها، وإنا لنرجو أن نتفهم سويا تلك الأسباب التي أوصلتك إلى ما وصلت إليه الآن، كما نرجو أن تقرأي رسالتنا بعناية، فنحن لسنا طرفا أو خصما لك، بل نريد لك الخير كما نريده لكل مسلم، ونسأل الله أن يعيننا على ذلك.

ثانيا: أختنا الكريمة: لا شك أن نظرة سلبية صارت متحكمة بك، قاضية عليك، حتى إنها أضحت حاكمة على كل حياتك، فلم نر في رسالتك أي أمر إيجابي، أو أي بريق أمل للحياة، وهذا بالطبع ضد سنن الله في الأرض، فليس هناك منعم عليه من كل وجه، ولا مبتلى من كل وجه، لكن نظرتك تلك إلى الحياة بكل ما فيها ومن فيها هي التي سلبت منك الشق الإيجابي منها.

ثالثا: لاحظي أختنا هاجر أن كل محيطك الآمن وغير الآمن لهم معك موقف سلبي، وهذا أمر محال حدوثه بهذا الشكل، فإذا أخذنا المحيط غير الآمن -وهم كل الناس عدا أهلك وخصوصا والديك- فجميعم على موقف سلبي منك، أو هكذا بدا لنا، ومعلوم أن الإنسان لابد له من شبيه يعيش معه ويتفق معه، فالصالح سيجد صالحا مثله، والفاسد سيجد فاسدا مثله، لكن صاحب الظن السيء أو النظرة السلبية وحده من يحاول أن يعيش وحده، وهذا يدفعه إلى تفسير الأحداث كلها تفسيرا سلبيا.

فإذا انتقل الحديث بنا إلى المحيط الآمن: أبويك وأهلك، فلن نجد الأمر اختلف كثيرا، وهذا ما يؤكد لنا أن سبب المشكلة نابع منك قبل غيرك يا هاجر.

رابعا: إننا نريدك أن تتأكدي من أن الفطرة التي خلقها الله حاكمة وقاضية بأن أحدا لن يحبك كأبويك، هما فقط من يحبون بلا ثمن، يحبون بلا مقابل، يتمنيان لك الخير وإن كان على حساب سعادتهما، هذا أمر فطري يا هاجر فطرهما الله عليهما، لا يملكان من الأمر فيه شيء، فاجلسي حفظك الله إلى والديك، واسمعي منهما جملة الاعتراضات عليك، ولا تجيبي على كل اعتراض حتى تفكري فيه بعيدا عن العواطف الانفعالية، فلا يخفاك أن للسن له دور وعامل في فهم طبيعة الحياة، وأن عقلك مهما بلغ تمامه هو ناقص، فلم تحيطي بكل شيء علما، فاستمعي إلى جملة الاعتراضات، وإن رأيت أن خللا حدث أو أمرا فهم على غير مراده يمكنك تجلية الأمر وتوضيحه لهم.

خامسا: افزعي إلى أمك يا هاجر، وامنحيها وقتا كافيا للحديث معها والتودد إليها، خاطبيها وحدثيها بكل ما عندك، ويمكنك استخدام وسائل غير مباشرة في البداية إن صعب التواصل مباشرة.

سادسا: أنت إنسانة رغم كل ما ظهر في رسالتك متدينة، وفيك خير كثير، وليس لك عداوة مع الغير حقيقية، ونحن هنا ننصحك لله، اجعلي ثقتك في والديك كبيرة، واستمعي لهما بإنصات، وراجعي كل حياتك بناء على أقوالهم، واعلمي أن أحدا في الكون لن يحميك أو يحفظ سرك أو يعينك على حياتك بلا ثمن إلا هما، فاتركي حفظك الله النظرة السلبية، وانظري مجددا إلى حياتك وما فيها من إيجابيات على مستواك الشخصي والأسري والتعليمي والتديني قبل ذلك كله، وتعاملي مع السلبيات القائمة الطبيعية الموجودة في كل بيت ولكن بصورة بعيدة عن التضخيم والتهويل، واعلمي أن الحوار الجاد مع الوالدة بالنصح والصبر والإعانة هو الطريق الأسلم لعبور تلك المرحلة، ولا تقولي ليس هناك مجالا للحديث مع أمي، فحتما ستجدين قلب والدتك مفتوحا عند الحديث معها، ولكن لتكن البداية منك واجعلي لغة الود هي الأصل.

سابعا: اعلمي أختنا الفاضلة أن التفكير السلبي لن يفيد، وأن التفكير الإيجابي هو الذي سيسعدك ويعبر بك هذه المرحلة سالمة.

وأخيرا: والديك سفينة نجاتك، وهذا لا يعني أنهما منزهان عن الخطأ، فالخطأ وارد من الجميع، لكن الحقيقة الساطعة أن أخطاء الوالدين متى ما وجدت فهي بلا قصد قطعا، ويقينا كانت نيتهما الخير لأولادهما، فلا يدفعك الخطأ -إن وجد- أن تهدمي كل حياتك.

كما نوصيك بالدعاء إلى الله عز وجل أن يهدي حال البيت، وأن يهديك إلى خير العمل وعمل الخير، والدعاء سهم صائب لا يخيب، والله يوفقك لكل خير، وننتظر منك أن تبشرينا بصلاح حالك وتفوقك الدراسي، ونحن على يقين من أنك أهل للتفوق. والله الموفق.

www.islamweb.net