تصيبني رجفةٌ وضيق عند المناسبات والاجتماعات.. أفيدوني

2023-11-15 08:45:41 | إسلام ويب

السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أعاني من حالة تقريباً أصابتني منذ أربع سنوات، ولا أعرف حقيقةً سببها، تصيبني رجفةٌ وضيق تنفسٍ حتى أنني لا أستطيع مواصلة الكلام، ودقات قلبي تنبض بسرعة، وتبدأ يداي ترجفان، ورأسي يرجف وأتعرق، وقدماي لا أستطيع الوقوف عليهما في اللحظات التي أدخل فيها مناسبةً اجتماعيةً، مجرد ما أدخل المجلس وأقول: السلام عليكم وترى عيني تجمعهم جميعاً تبدأ معي الحالة، حتى مع الأقارب.

مع العلم أنني سابقاً شخصٌ اجتماعيٌ جداً، وأحب المجالس ومجالسة كبار السن، والاجتماع بالناس، وأنني شخصٌ على صغر سني إلا أنني متحدثٌ لبقٌ ولي حضوري في المناسبات، وبسبب هذا الشيء أصبحت أعتذر في بعض الأحيان عن المناسبات، وأيضاً لا أستطيع حتى حضور المواعيد في الدوائر الحكومية، وأثناء نقاط التفتيش تبدأ يداي ترجفان، ودقات قلبي تنبض، ويضيق نفسي، ولا أستطيع التنفس، وأيضاً في حالة كنت إماماً بالناس تصيبني الحالة!

مع العلم أنني أذهب للأسواق والمساجد، وأصلي مع الجماعة، وحالتي طبيعيةٌ تقريباً، وأخرج ولا أنعزل، فقط عقدتي في المناسبات الاجتماعية والعائلية، وإمامة الناس -والله- إنها أتعبتني جداً، وصارت تعيق من تكويني للعلاقات وحب المناسبات الاجتماعية التي كنت أحب ممارستها، مع العلم أن عائلتي جميعهم وإخواني وأبي اجتماعيون جداً إلا أنا.

مع العلم أنني أجريت تحاليل الفيتامينات والغدد وتحاليل شاملة، وكل شيء سليمٌ، فأتمنى مساعدتكم، وإذا كان هناك دواءٌ لحالتي فهل الأدوية مدى الحياة؟ وإذا كانت ليست مدى الحياة هل بعد انقطاعي عن الدواء هناك انتكاسةٌ؟

أتمنى إجابةً تفصيليةً.

الإجابــة:

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ تركي حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فأشكرك على الثقة في إسلام ويب.

أخي: الحالة التي تعاني منها حالةٌ معروفةٌ وتسمى الرهاب الاجتماعي أو قلق المواجهات، وهذا القلق يكون له خصوصيته، يعني قد يحدث في مواقف معينة ولا يحدث في مواقف أخرى كما هو في حالتك، كما أنه سلوكٌ مكتسبٌ؛ لذا ظهر لديك في وقت متأخر نسبياً، ربما يكون سببه حادثةً معينةً تعرضت فيها لشيء من المضايقة والخوف، ومن ثم بني على مستوى عقلك الداخلي هذا المكون من الخوف عند المواجهات.

أخي الكريم: أولاً حقر هذه الفكرة -فكرة الخوف- هذا مهمٌ جداً، والأمر الآخر: أنا أؤكد لك أن ما تحسه من رعشة وتسارع في ضربات القلب هو أقل بكثير من الحقيقة، هي مشاعر مبالغٌ فيها يشعر بها الإنسان ولا يحس بها الآخرون، لا أحد يراك ترتعش أو تتلعثم أو كأنك سوف تسقط أرضاً هذا ليس صحيحاً، الذي يحدث أنه في بعض الأحيان عند المواجهات ينشط الجهاز العصبي اللاإرادي، أو ما يعرف بجهاز الثمبساوي، ويؤدي إلى إفراز مادة تسمى الادرينالين هي التي تزيد من تسارع القلب، فالعملية عملية فسيولوجية جداً.

فإذاً التجاهل مهمٌ، والاقتحام كذلك، لا تتوقف عن المواجهات أبداً، الصلاة في المسجد -كما تفضلت- وتكون في الصف الأول، بل تقف خلف الإمام إذا أتيحت لك فرصةٌ كهذه، وتتصور في خيالك أنك يمكن أن تنوب عن الإمام إذا طرأ عليه طارئٌ في أثناء الصلاة، وتكمل الصلاة بالمصلين، تصور -يا أخي الكريم- أنك مثلاً تصلي في مسجد كبير جداً، وطلب منك أن تصلي الجمعة بالناس، هذا نوع من الخيال الإيجابي المفيد جداً.

ومن المهم جداً أن تمارس الرياضة الجماعية، كرة القدم مثلاً، السباحة، كرة السلة، هذه الأنشطة الرياضية أنشطةٌ تفاعليةٌ وفيها نوعٌ من التفاعل اللاإرادي الذي يقلل كثيراً من القلق والخوف والرهاب الاجتماعي، بقي أن أقول لك -يا أخي الكريم- العلاج الدوائي متوفرٌ وموجودٌ، وأنا سوف أصف لك أحد الأدوية السليمة جداً، وأنت لا تحتاجه لمدة طويلة، حوالي ستة إلى سبعة أشهر سوف تكون كافية جداً.

الدواء يسمى سيرترالين الحبة تحتوي على 50 مليجراماً، تبدأ فيه بتناول نصف حبة يومياً أي 25 مليجراماً، وتستمر على هذه الجرعة لمدة 10 أيام، ثم اجعلها 50 مليجراماً يومياً لمدة شهر، ثم اجعلها 100 مليجرام يومياً، وهذه هي الجرعة العلاجية الوسطية، علماً بأن الجرعة الكلية هي 200 مليجرام في اليوم، لكن لا أراك في حاجة لهذه الجرعة الكبيرة، تستمر على جرعة 100 مليجرام ثلاثة أشهر، ثم تخفضها إلى حبة واحدة، أي 50 مليجراماً يومياً لمدة شهرين، ثم اجعلها 25 مليجراماً يومياً لمدة شهر، ثم 25 مليجراماً يوماً بعد يوم لمدة 10 أيام، ثم توقف عن تناول السيرترالين.

يوجد دواءٌ آخر مساعد يسمى سلبرايد هذا هو اسمه العلمي، واسمه التجاري دوجماتيل، أريدك أن تبدأ أيضاً في تناوله بجرعة كبسولة واحدة 50 مليجراماً صباحاً لمدة شهرين، ثم توقف عن تناوله، هذه أدوية سليمةٌ رائعةٌ فاعلةٌ غير إدمانية، وليس لها أي آثار جانبية ضارة، يا حبذا لو بحثت عن عمل؛ لأن العمل فيه تأهيلٌ نفسيٌ واجتماعيٌ، ويرفع من مهارات الإنسان.

ونصيحة أخرى -يا أخي- هي: أن تحرص على الواجبات الاجتماعية، لا تتخلف عن واجب اجتماعي: أن تصل أرحامك، أن تتفقد جيرانك، أن تشارك في الأفراح والأعراس، أن تزور المرضى، أن تمشي في الجنائز، هذه كلها جميلة وطيبة، وأن تجلس مع أصدقائك، أن ترفه عن نفسك بما هو طيب وجميل، ومن الضروري طبعاً أن تتجنب السهر حتى تكتمل صحتك النفسية بصورة سليمة.

بارك الله فيك وجزاك الله خيراً، وبالله التوفيق والسداد.

www.islamweb.net