أخي يريد أن يمكث عندي فترة وظروفي لا تتيح ذلك، فهل أعتذر منه؟
2025-12-10 01:45:52 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
بتوفيق من الله، أحمده على اصطفائي، فأنا مُعلِّمة قرآن، لدي أفواج ومجموعات يوميًا في مدرسة خاصة لتعليم القرآن، كما أن لدي مجموعات في المسجد، وليس لدي وقت لزيارة عائلتي أو استقبالهم، فأكتفي بالسؤال عن أحوالهم عبر الهاتف، أو أذهب إليهم إذا وجدت لحظة مناسبة، لكن لا أمكث طويلًا، وإنما للاطمئنان عليهم فقط.
لدي بيت مكوّن من غرفتين ليس بينهما باب، والحمام، ومكان للغسل في المطبخ، ولي أخ في الغربة، وقد أعلمَني أنه سيأتي ليمكث عندي عشرين يومًا، وهذا سيشغلني عن مهمتي، إذ سيكون عليّ أن أطبخ له وأجلس معه، علمًا أن لي إخوة آخرون، لديهم الإمكانيات لاستقباله استقبالًا أفضل مني، لكنه لا يريد الذهاب إليهم.
فهل إذا أعلمته بأنني لا أستطيع التكفّل به أكون آثمة؟
أجيبوني، جزاكم الله خيرًا.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ عائشة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبًا بك -أختنا الفاضلة- في الموقع، ونشكر لك التواصل والاهتمام، ونحيي ما تقومين به من مجهودات، ونسأل الله -تبارك وتعالى- أن يتقبل منا ومنك صالح الأعمال، وبشرى لك: فـ «خَيْرُكُمْ مَنْ تَعَلَّمَ الْقُرْآنَ وَعَلَّمَهُ»، ونسأل الله -تبارك وتعالى- أن يُعينك أيضًا على الوفاء بالواجبات الاجتماعية والتواصل مع الأهل.
يكفي ما يحصل منك من زيارتهم والسؤال عنهم، وإذا وجدتِ فرصة لزيادة هذه الصلات الاجتماعية؛ فإنك ستؤثرين عليهم، وسيكون لكِ وضع عندهم بالقيام بنصحهم وإرشادهم، وتوجيه من يحتاج إلى توجيه، وحتى لو أقمتِ حلقة تعليم أيضًا للأهل، أو خصصتِ وقتًا ليتعلموا فيه الأشياء الأساسية، أو من يرغب منهم أو من أبنائهم؛ فإن هذا تستكملين به عناصر الخيرات كلها.
نسأل الله -تبارك وتعالى- أن يعينك على تجاوز هذه الصعاب، وأن يُوسّع لكِ في الدار، وأن يُوسّع لكِ في الرزق، وأن يلهمك السداد والرشاد، هو وليُّ ذلك والقادر عليه.
لذلك أرجو أن تركزي معنا على نقطتين:
النقطة الأولى: هذا الأخ الذي اختار أن يكون معك، لا شك أنه شعر أن لكِ ميزات، أو هناك مصلحة في أن يكون معك أو يكون عندك، والأخ له المنزلة الرفيعة، وكما تفهم الأهل بما تقومين به من مهام، فالأخ نتمنى أيضًا أن يتفهم ما تقومين به من مهام، والكلفة بين الأخ وأخته مرفوعة، فبإمكانه أيضًا أن يُساعد ويُعاون في بعض المهام، خاصة عندما يشعر أنك منشغلة بتعليم كتاب الله -تبارك وتعالى- بأشرف وأعظم مهمة.
عليه: نحن لا نؤيد فكرة الاعتذار منه، أو إعلامه بأنك لا تستطيعين التكفُّل به، ولكن دعيه يعيش الواقع، وقومي بما تستطيعين، وأكرميه واستقبليه ولو في الأيام الأولى لزيارته، وإذا كان هناك إمكانية بعد ذلك أن يخرج لإخوانه الآخرين أو أخواته الأخريات، الذين عندهم سعة في الدار وعندهم قدرة على خدمته، فهذا سيكون متروكًا له، وهذا خيار مهم.
نحن نريد ألَّا يشعر بالحرج عندما تعتذرين منه بأنك لا تستطيعين استقباله، ولكن دعيه يأتي وينظر للوضع فعلاً على الطبيعة، وعندها أعتقد أيضًا أنه سيصعب عليه البقاء معك، وإن بقي فأنت مأجورة على احتمال الأخ والصبر عليه هذه الأيام، والسعي في التوفيق بين هذه المهام.
النقطة الثانية: نحن نريد لأهل القرآن أن يكونوا نموذجًا في الصبر، فأنتِ استكملتِ هذا الجانب في الحرص على تعليم كتاب الله -تبارك وتعالى- وهذا أمر في غاية الأهمية والعظمة والرفعة، لكن أيضًا مسألة العلاقات الاجتماعية والاهتمام بالأخ من صلة الرحم، وصلة الرحم واجبة، فنخشى أن يحدث سوء، فهم إذا حاولتِ أن تعتذري منه بالطريقة المذكورة، والاعتذار يمكن أن يكون بطريقة عملية، إذا جلس عندك يومًا أو يومين، ثم شعر أنك مشغولة بكتاب الله، وأن دارك ضيقة، وأن وجوده عندك قد يسبب لك بعض الإزعاج، فهذا سيسهل عليه وعليك أيضًا المهمة، مهمة توزيع هذه المهمة الاجتماعية بينك وبينه وبين إخوانه.
لكن لا شك أنه اختار أخته؛ لأن الأخت صاحبة منزلة رفيعة عند إخوانها، وهي قطعة من الأب والأم لأخيها، حتى قالوا: "لَوْ كَانَ لِيوسفَ أختٌ لَبَحَثَتْ عَنْهُ، كَمَا بَحَثَتْ أُخْت مُوسَى عَنْ مُوسَى، عليهم وعلى نبينا صلاة الله وسلامه".
فالأخت حقيقةً حبيبة منسية، ولها منزلة عند إخوانها، وإن كان كثير من الإخوان يقصرون في الوفاء لأخواتهم، لكن فلتستمر الأخت في إحسانها وبرها لإخوانها، وإسداء النصح لهم والقرب منهم، ونسأل الله -تبارك وتعالى- أن يعلي شأنك، وأن يعينك على الصبر، وأن يهيئ لك من أمرك رشدًا.
هذا، وبالله التوفيق.