ما تفسير تدهور الابن بعد تفوقه الدراسي؟

2007-02-19 11:08:56 | إسلام ويب

السؤال:
السلام عليكم.

ابني عمره 20 سنة، وقد كان ممتازا جداً دراسة وأخلاقاً، وفجأة ومنذ حوالي سنتين تدهورت دراسته، وهو الآن يريد العمل ويقول لي: سوف أنقطع عن الدراسة، فكيف أتعامل معه وأجعله يتعلق ويبرز في دراسته كالسّابق؟

مع العلم أنه اتصل بطبيب نفسي ولكن دون جدوى.

أفيدوني وشكراً.


الإجابــة:

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ زهرة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإن سوق العمل موجود، لكن التفوق العلمي مفقود، إلا إذا بذل الإنسان المجهود، ثم توكل على ربنا المعبود، وصدق مع الله ولم يتعد الحدود، ومرحباً بك وبابنك ورحم الله الآباء والأجداد.

وأرجو أن تقتربي من ولدك وتحاوريه في هدوء، وتجتهدي في التعرف على أسباب ما حصل من التغير، فربما كان السبب من الرفقة، وربما كان السبب من سوء معاملة بعض المعلمين، وربما كان السبب في عدم وجود المال الكافي له ليواصل دراسته، وقد يكون السبب من شعوره بعدم الفائدة من مواصلة الدراسة، وذلك لأن بعض الطلاب يقول ماذا لو أحرزت أعلى الدرجات، وهل مات الذين لم يتعلموا ولم يتفوقوا؟ وها هم كبار التجار والأغنياء وفيهم كثير من الأغبياء، ولا شك أن هذا تفكير خاطىء وسلبي، وليت من يفكر بهذه الطريقة أدرك ما قاله الحكيم:

وإن كبير القوم لا علم عنده *** صغير إذا التفت عليه المحافل

وكفى بالعلم شرفاً أن يدعيه من لا يحسنه، وكفى بالجهل عيباً ونقصاً أن يتنصل منه من هو غارق فيه.

ولا شك أننا نخطىء عندما نظن أن الهدف من العلم هو المال أو المنصب أو الشهرة، واعلموا أن الفلاح للإنسان أن يطلب العلم ويقصد بطلبه وجه الله، ثم بحرص على نفع البلاد والعباد وسوف يرفعه الله في الدنيا ويوم يقوم الأشهاد، كيف وقد قال سبحانه:(يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ)، [المجادلة:11]، والأمر كما قال الإمام أبو حنيفة لوالدة الإمام أبي يوسف التي كانت تخرجه من مجلس العلم ليطلب المال والعمل، فقال لها الإمام: (إن ابنك هذا سوف يكون له شأن وسوف يأكل الفالوذج)، والفالوذج طعام ما كان يأكله إلا كبار السلاطين والأغنياء، وتحقق ما أخبر به الإمام رحمه الله عليه، وضحك الإمام أبو يوسف حين أكل طعام الأمراء.

وقد أسعدني حرصك على مستقبله واهتمامك بدراسته، ونسأل الله أن يقر به عينك، ونحن ننصحك بتقوى الله وبضرورة الاقتراب من هذا الولد ومسح أعلى ظهره ومحاورته في هدوء لمعرفة أسباب نفوره من الدراسة؛ لأن التواصل الجسدي له أعظم الأثر في إعادة الهدوء والاستقرار النفسي، وفي حمل الإنسان على إخراج ما في نفسه والاعتراف بكل ما يضايقه.

وإذا لم تظهر لكم الأسباب الظاهرة فلا مانع من تشجيعه على قراءة الرقية الشرعية المعوذات وآية الكرسي وخواتيم البقرة وآيات السحر والمواظبة على أذكار الصباح والمساء وقراءة القرآن وخاصة سورة البقرة، مع ضرورة حرص الجميع على الطاعة والبعد عن المعاصي حتى تتهيأ النفوس للعلاج وهو ما سماه الإمام ابن القيم (أن يكون المكان قابلاً للعلاج).

وإذا رغبتم في عرضه على من يقرأ ويعالج بالقرآن والسنة والأذكار شريطة أن يكون ظاهره الالتزام، وأن يعتقد الجميع الشفاء من المنان، وأن يكون الراقي نظيف المظهر والمكان، وأن لا يخلو بالنسوان.

نسأل الله أن يكتب الشفاء وأن يوفقكم لما يحبه ويرضاه.

وبالله التوفيق.

www.islamweb.net