الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

المناداة بـ(يا رسول الله) الجائز ....والممنوع

السؤال

هل يجوز القول بـ يا رسول الله

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:

فقول الشخص: (يا رسول الله) لا يخلو من أربع حالات أساسية:
الأولى: أن يقصد الاستغاثة به، كأن يقول: (يا رسول الله فرج همي، أو هبني العافية ونحو ذلك، وهذا شرك، لأنه دعاء لغير الله فيما لا يقدر عليه إلا الله، ومعلوم أن الدعاء عبادة، كما قال الله تعالى: (وقال ربكم ادعوني أستجب لكم إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين) [غافر:60] وعند الترمذي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "الدعاء هو العبادة"
وما دام الدعاء عبادة، فصرفه لغير الله شرك، كما قال تعالى: (فإذا ركبوا في الفلك دعوا الله مخلصين له الدين فلما نجاهم إلى البر إذا هم يشركون) أي يدعون معه غيره بعد أن أخلصوا الدعاء له وهم في البحر.
والحالة الثانية: أن يقصد التوسل، كأن يقول: (يا رسول الله اشفع لي، أو توسط لي إلى ربك أن يفرج همي ويكشف غمي ونحو ذلك، وهذا نوع من التوسل الممنوع، قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله تعالى: (التوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم ثلاثة أقسام:
القسم الأول: أن يتوسل بالإيمان به واتباعه، وهذا جائز في حياته وبعد مماته.
القسم الثاني: أن يتوسل بدعائه، أي بأن يطلب منه صلى الله عليه وسلم أن يدعو له، فهذا جائز في حياته لا بعد مماته، لأنه بعد مماته متعذر.
القسم الثالث: أن يتوسل بجاهه ومنزلته عند الله، فهذا لا يجوز لا في حياته ولا بعد مماته، لأنه ليس من عمله، فإذا قال قائل: جئت إلى الرسول صلى الله عليه وسلم عنده قبره وسألته أن يستغفر لي أو أن يشفع لي عند الله فهل يجوز ذلك أو لا؟ قلنا: لا يجوز، فإذا قال: أليس الله يقول: (ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاؤوك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله تواباً رحيماً) [النساء:64] قلنا له: بلى. إن الله يقول ذلك، ولكنه يقول: (ولو أنهم إذ ظلموا ) وإذ هذه ظرف لما مضى من الزمان، وليست ظرفا للمستقبل، لم يقل الله: ولو أنهم إذا ظلموا، بل قال: إذ ظلموا. فالآية تتحدث عن أمر وقع في حياة الرسول صلى الله عليه وسلم، واستغفار الرسول صلى الله عليه وسلم بعد مماته أمر متعذر، لأنه إذا مات العبد انقطع عمله إلا من ثلاث، كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم: "صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له" فلا يمكن الإنسان بعد موته أن يستغفر لأحد، بل ولا يستغفر لنفسه أيضاً، لأن العمل انقطع. ا.هـ
الحالة الثالثة: أن يناديه ليصلي عليه ويسلم، كأن يقول الصلاة والسلام عليك يا رسول الله، ونحو ذلك فهذه مستحبة.
الحالة الرابعة: أن يناديه على سبيل الندبة، وهي: مناداة الميت بذكر محاسنه، وذكر ما حدث بعد فقده من مساوئ، ونحو ذلك، كأن يقول: يا رسول الله لقد أصلحت البشرية وهديتها، فلو ترى ماذا حصل بعدك!! ونحو ذلك، فلا حرج، بشرط ألا يصحب ذلك رفع الصوت بالبكاء أو شق الجيوب، ونحو ذلك، لأنه يصير بذلك نياحة وهي محرمة. فإن قال قائل: ورد في الحديث "كل نادبة كاذبة، إلا نادبة حمزة" وندب الرسول صلى الله عليه وسلم أولى. فالجواب: إن هذا الحديث ضعيف، ولو صح ففي آخره ما يدل على نسخه، وهو أن النبي صلى الله عليه وسلم قام على المنبر من الغد فنهى عن النياحة كأشد ما نهى عن شيء قط.
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني