الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل اشتراط النية لصيام الفرض، واشتراط تبييتها مجمع عليه بين العلماء؟

السؤال

هل هناك من العلماء من يعد نية صيام الفرض غير واجبة، أو أنها تصح إن نواها الشخص بعد الفجر؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فذهب جمهور العلماء إلى أن الصوم لا يصح إلا بنية، سواء كان فرضًا أم نفلًا، بل حكى ابن قدامة الإجماع على ذلك، حيث قال في المغني: لا يصح صوم إلا بنية، إجماعًا, فرضًا كان أو تطوعًا؛ لأنه عبادة محضة, فافتقر إلى النية, كالصلاة. اهـ.

والصحيح أن اشتراط النية في الصوم غير مجمع عليه، وممن خالف فيه زفر من الحنفية، جاء في بداية المجتهد لابن رشد: أما كون النية شرطًا في صحة الصيام: فإنه قول الجمهور، وشذ زفر، فقال: لا يحتاج رمضان إلى نية إلا أن يكون الذي يدركه صيام رمضان مريضًا أو مسافرًا فيريد الصوم. اهـ.

أما تبييت النية في الصوم فخالف فيه الأحناف، ولم يشترطوا تبييتها في حالات من بينها صوم رمضان، وكذا قال الشافعية، والحنابلة في صوم النفل خاصة، جاء في الموسوعة الفقهية: ذهب الحنفية إلى جواز تأخير نية الصوم في صوم رمضان، والنذر المعين، والنفل إلى الضحوة الكبرى, أما في غير هذه الثلاثة فمنعوا تأخير النية فيها، وقالوا بوجوب تبييتها، أو قرانها مع الفجر, كقضاء رمضان, والنذر المطلق, وقضاء النذر المعين, والنفل بعد إفساده, والكفارات، وغيرها، وذهب المالكية إلى أن الصوم لا يجزئ إلا إذا تقدمت النية على سائر أجزائه، فإن طلع الفجر ولم ينوه لم يجزه في سائر أنواع الصيام, إلا يوم عاشوراء، ففيه قولان: المشهور من المذهب أنه كغيره، وفرق الشافعية، والحنابلة بين الفرض والنفل، فاشترطوا للفرض التبييت؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: من لم يجمع الصيام قبل الفجر فلا صيام له ـ وأما النفل: فاتفقوا على صحة صومه بنية قبل الزوال؛ لحديث عائشة: أنه صلى الله عليه وسلم قال لعائشة يومًا: هل عندكم شيء؟ قالت: لا، قال: فإني إذن أصوم ـ وزاد الحنابلة, وهو قول عند الشافعية: أن النفل يصح بنية بعد الزوال أيضًا للحديث السابق، ولأن النية وجدت في جزء النهار، فأشبه وجودها قبل الزوال بلحظة. اهـ.

وانظر الفتوى رقم: 183077.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني