الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

من طلّق امرأته تحت إلحاحها، وكان كارهًا للطلاق

السؤال

بعد عدة سنوات من الزواج مرضت زوجتي، وأصبح بها مسّ من الجن، كان يمنعها من معاشرتي لمدة فاقت السنة، صبرت عليها -لعل الله أن يشفيها- لكن الوضعية ازدادت سوءًا، وأصبحت زوجتي لا تحتمل وجودي في المنزل، وخيرتها بين الرجوع إلى فراش الزوجية أو القبول بزواجي مرة ثانية، مع بقائها في عصمتي، ولكنها كسائر النساء رفضت أن تكون لها ضرة، ولما زادت حدة المشاكل بيننا أرسلت لي رسالة على الجوال أخبرتني بأنها تريد الطلاق، فسقط عليّ قرارها كالصاعقة، ولكنني رفضت فكرة الطلاق؛ لأنني لم أنوِ إطلاقًا طلاقها، ولكنها أصرت على قرارها، وبعد حوالي 3 أشهر أجبرتني على الإمضاء على الطلاق عند القاضي في المحكمة على أساس طلاق بالتراضي، فقمنا بالإجراءات اللازمة، وأمضينا على قرار فكّ الرابطة الزوجية، والله يشهد أنني بكيت عند خروجي من عند القاضي؛ لأنني كنت رافضًا للطلاق، والله يشهد أنني لم أتلفظ بلفظ الطلاق إلى الساعة، ولم أكن أنوي أبدًا تطليق زوجتي، وحالتي هذه لها اليوم 3 سنوات، وأعلمكم أن هذا الطلاق مسجل في المحكمة، والبلدية، وأريد الآن إرجاع زوجتي، التي لي منها 3 بنات، مع علمي أنها ما زالت مريضة بمسّ من الجن؛ شفقة عليها، ورحمة بها، وفي نفس الوقت أريد زوجة ثانية أحصن بها نفسي من الوقوع في الحرام.
شيخنا الفاضل، أريد أن أستفسر: هل وقع الطلاق حقًّا أم لا؟ وهل طلاقي هذا كطلاق المكره؟ لأنني أمضيت على الطلاق وأنا كاره له، ولم أتلفظ بلفظ الطلاق إلى يومنا هذا.
وفي حالة إرجاع الزوجة هل يتم عبر عقد ومهر جديدين، أم كيف سيكون الأمر مع حالتي هذه؟ بارك الله فيكم، وسدد خطاكم.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فمن طلّق امرأته تحت إلحاحها، وكان كارهًا للطلاق، غير مريد له، فإن طلاقه ينفذ، ما لم يكن مكرهًا إكراهًا حقيقيًّا؛ كمن طلّق تحت التهديد بالقتل، أو الإضرار الشديد، وراجع حدّ الإكراه المعتبر في الطلاق في الفتويين: 42393 ، 6106.

ومن وقّع على ورقة الطلاق من غير أن يتلفظ بطلاق زوجته، أو يكتبه بنية إيقاعه، فالظاهر لنا -والله أعلم-: أنّ ذلك لا يترتب عليه طلاق بمجرده؛ فقد جاء في فتاوى الشيخ/ محمد بن إبراهيم آل الشيخ في جواب سؤال عن رجل وقّع على ورقة مكتوب فيها طلاق زوجته دون أن يتلفظ بالطلاق، أو يكتبه، فأجاب: لا شك أن هذا الإمضاء ليس من صيغ الطلاق مطلقًا، فضلًا عن القول بصراحته، كما أنه ليس من كنايات الطلاق في شيء وليس من قبيل الكتابة؛ إذ الزوج لم يكتب طلاق زوجته حتى يؤخذ بالكتابة، وغاية ما في الأمر أنه كتب اسمه تحت كتابة وإنشاء غيره، فإذا لم يتلفظ بشيء مما كتب في الورقة المذكورة، وإنما كتب اسمه فقط في ذيلها، فلا يظهر لنا وقوع الطلاق منه بإمضائه هذه الورقة.

وعليه؛ فإن كنت لم تتلفظ بطلاق زوجتك، ولم تكتبه، فزوجتك في عصمتك، ولا تحتاج في إرجاعها لعقد شرعي جديد، لكن ما دام الطلاق مسجلًا في المحكمة، فلا بد أن ترجع إلى المحكمة، وتبين لها تفاصيل المسألة؛ لتحكم ببطلان الطلاق، أو إمضائه على حسب ما يثبت عندها من البينات.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني