الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

من قال: "لو كان الجهاد الذي في المسلسل خيالًا، فيكون الرسول خيالًا"

السؤال

كان أحد الأشخاص يشاهد مسلسل أرطغرل، وكان معجبًا بالمسلسل، وكانت أخته تقول له: هذا خيال أنهم يميتون كل هؤلاء الناس، فقال لها: هذا ليس خيالًا، ولو كان هذا خيالات؛ فيكون الرسول خيالات. وهو يقصد أنهم في المسلسل كانوا يجاهدون فعلًا، ويقتلون الأعداء، والرسول كذلك يقتل، ويجاهد، ويحارب الأعداء، فهو يقصد أن هذا واقع، وأنهم يجاهدون كما أن الرسول كان يجاهد، فهل هذا القول حرام؟ فهو لا يقصد شيئًا أبدا يسيء إلى الرسول. وجزاكم الله خيرًا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فمثل هذه العبارة لا تخلو من بشاعة وشناعة، فيتعين اجتنابها، وصون اللسان عنها؛ تعظيمًا لمقام النبي صلى الله عليه وسلم.

لكن المتكلم بها ما دام لم يقصد الطعن في النبي صلى الله عليه وسلم، أو التشكيك في بعثته ونبوته، فإنه لا يكفر بذلك، فالأصل هو بقاء المسلم على الإسلام، ومن ثبت إسلامه بيقين، فلا يخرج منه إلا بيقين.

والأقوال والأفعال المحتملة لا يُكفَّر بها المسلم، ما دام لم يقصد بها معنى كفريًّا، جاء في مطالب أولي النهى: و(لا) يكفر من نطق بكلمة كفر، ولم يعرف معناها) فلا يكفر بذلك، ولا من جرى الكفر على لسانه سبقًا من غير قصد؛ لشدة فرح، أو دهش، أو غير ذلك، كقول من أراد أن يقول: اللهم أنت ربي، وأنا عبدك، فقال غلطًا: أنت عبدي، وأنا ربك؛ لحديث: «عفي لأمتي عن الخطأ، والنسيان». اهـ.

وفي شرح الشفا لعلي القاري: قال علماؤنا: إذا وجد تسعة وتسعون وجهًا تشير إلى تكفير مسلم، ووجه واحد إلى إبقائه على إسلامه، فينبغي للمفتي والقاضي أن يعملا بذلك الوجه، وهو مستفاد من قوله عليه السلام: ادرؤوا الحدود عن المسلمين ما استطعتم، فإن وجدتم للمسلم مخرجًا، فخلوا سبيله، فإن الإمام لأن يخطئ في العفو، خير له من أن يخطئ في العقوبة. رواه الترمذي، والحاكم. اهـ.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني