الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

سبل تأديب الأطفال بآداب الشرع، والسن المناسبة لبدء تعليمهم القرآن

السؤال

كيف أربي وأتعامل مع ابني منذ صغره في الأشهر الأولى، على الإيمان بالله ورسله، وحب الله ورسوله، وحفظ القرآن الكريم؟
وما هو السن المناسب لتحفيظ ولدي القرآن الكريم؟
وهل ينفعه سماع القرآن في الحفظ، خاصة في الشهر السادس؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن تربية الأبناء وتأديبهم بآداب الشرع من آكد المهمات التي ينبغي تعاون الأسر والمجتمع عليها.

وعلى الأبوين تحمل مسؤولية تربية الأبناء على الدين، ووقايتهم من النار، وأن يهتما بتعليمهم العقيدة الصحيحة، والأحكام الشرعية، والآداب الإسلامية التي يحتاجونها لينشؤوا نشأة إسلامية، فقد قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً {التحريم: 6}.

قال علي -رضي الله عنه- في تفسيرها: علموهم وأدبوهم. اهـ.

وقال تعالى: وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ {طـه: 132}. وثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: من عال جاريتين حتى تبلغا، جاء يوم القيامة أنا وهو كهاتين. رواه مسلم والترمذي، واللفظ للترمذي.

قال النووي في شرح عال: قام بالمؤنة والتربية. اهـ.

وقد حث الشرع على تربية الأولاد، وحضهم من الصغر على تطبيق تعاليمه السمحة، لأن التعليم في الصغر أرسخ، ولهذا قالوا: التعليم في الصغر كالنقش في الحجر.
وقال الشاعر:

وينشأ ناشئ الفتيان منا على ما كان عوّده أبوه

فينبغي أن يربى الطفل منذ صغره على أخلاق المسلمين، وتطبيق تعاليم ما أمكن من الدين؛ ليسهل عليه ذلك ويتعوده من صغره.

فإذا عقل الخطاب ربي تربية تعبدية، فحدث عن الله وعن رسوله وعن الإسلام، وعود على الأذكار والتعوذات والأدعية المأثورة وعلى الأخلاق الفاضلة.

وبدئ بتعليمه القرآن والسنة، وما يحتاج له من أمور الدين، فإذا وصل السابعة أمر بالصلاة ورغب فيها، وضرب عليها عند العاشرة، فعن جندب بن عبد الله قال: كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم ونحن فتيان حزاورة، فتعلمنا الإيمان قبل أن نتعلم القرآن، ثم تعلمنا القرآن فازددنا به إيمانا. رواه ابن ماجه، وصححه الألباني.

وروى الإمام أحمد وأبو داود عن ابن عمر -رضي الله عنهما- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: مروا أبناءكم بالصلاة وهم أبناء سبع سنين، واضربوهم عليها وهم أبناء عشر سنين، وفرقوا بينهم في المضاجع.

ثم إنه لا بد من تعليمه ما يحتاج له من علوم الوسائل المساعدة على فهم نصوص الوحي، ويتعين النظر في سلامة بيئته وصحبته من الشرور، فلا يسمح له بصحبة الأشرار، ولا بالذهاب لأوكار الفساد، بل يعوض عن ذلك بصحبة من يساعده على مهمته، فيربط بالمسجد وطلاب العلم ومجالس الخير.

وهناك كتب متخصصة في هذا المجال، منها: كتاب مسؤولية الأب المسلم مرحلة الطفولة ـ تأليف: عدنان حسن باحارث، وكتاب: منهج التربية النبوية للطفل ـ تأليف محمد نور سويد، وكتاب: تربية الأولاد في الإسلام لعبد الله ناصح علوان، ويمكن تصفح موقع: المربي على الإنترنت، ويشرف عليه الشيخ محمد عبد الله الدويش.

وقد تقدمت لنا فتاوى كثيرة في تربية الأولاد، فراجع مثلاً الفتاوى: 13767، 16372، 16834، 17078، 13607.

وأما عن السن المناسب لتحفيظ القرآن: فهو حسب كل طفل وقدرته وموهبته. ففي أي سن قدر على الحفظ حفظ القرآن، ويبتدأ له بصغار السور، مع الرفق به.

وسنوات الحفظ الذهبية هي السنوات الأولى من العمر، ولهذا ينصح أن يُبدأ مع الطفل في الحفظ مع بداية تمييزه ونطقه للحروف نطقاً صحيحاً، لكنه ينبغي أن يكون الحفظ على التدريج، فيُحفظُ آية آية، من الآيات والسور القصيرة، وتُزاد تدريجياً كلما تمرن ذهنه على الحفظ، وأن يكون ذلك بالرفق والتشجيع والثناء عليه، والابتعاد مطلقاً عن أي شدة أو تعنيف.

وانظر الفتوى: 116870، والفتوى: 63799.

وسماع القرآن مؤثر ولا شك في ذلك، وأما كونه يؤثر في الحفظ في هذه السن الصغيرة جدا، فلا علم لنا به.

ولكن جاء في أبحاث عدة عند علماء النفس والتربية أنه يؤثر في الحفظ مستقبلا، وقد وجد ذلك عند عدد من الأطفال ممن كانت أمهاتهم يسمعن القرآن، أو يقرأنه سواء أثناء الحمل، أو في فترة الرضاع.

وقد أوردت بعض مواقع الإنترنت أن دراسة أجريت على ثمانين طفلا ممن كانوا يسمعون القرآن في فترة الرضاعة، فوجد ستون منهم ممن حفظ القرآن بعد ذلك.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني