الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم تأنيس الحيوانات المفترسة، وهل يعتبر من تقتله وهو يروضها قاتلا لنفسه؟

السؤال

1- ما حكم استئناس الحيوانات المفترسة؟ وهل هذا جائز شرعا؟
2- هل هذا نوع من أنواع التعذيب للحيوانات؟ وكذلك ما يقومون به من ألعاب واستعراضات، أو وضعها في أقفاص -ليل نهار-، وعدم إطلاقها فى الغابة؟ وهل يتوافق مع الغرض والحكمة التي من أجلها خلقها الله -عز وجل-؟
3- ما حكم من تقتله هذه الحيوانات من المدربين؟ هل يعتبر قاتلا لنفسه؛ لأنه عرض نفسه لحيوانات طبيعتها الافتراس والقتل، وأدخل نفسه في الآية القرآنية (ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة)؟
وجزاكم الله -عز وجل- خيرا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فقد فرق أهل العلم بين الحيوان المفترس الذي فيه منفعة معتبرة، كالاصطياد، أو الاستعمال في القتال، وبين الحيوان المفترس الذي ليس فيه منفعة معتبرة، فأجازوا اقتناء الأول وبيعه، ومنعوا اقتناء الثاني وبيعه. وانظر الفتوى: 141038.

ونصوا على أن المنافع الخاصة التي تعود على بعض الناس دون عمومهم ليست معتبرة.

قال الرافعي في الشرح الكبير: الضرب الثاني: ما لا ينتفع به، فلا يجوز بيعه ... ولا نظر إلى ‌منافعها ‌المعدودة في الخواص؛ فان تلك المنافع لا تلحقها بما يعد في العادة مالا، وفي معناها السباع التي لا تصلح للاصطياد والقتال عليها، والأسد، والذئب، والنمر، ولا نظر إلى اقتناء الملوك للهيبة والسياسة، فليست هي من المنافع المعتبرة. اهـ.

ونقل ذلك النووي في المجموع وقال: قال أصحابنا: ولا نظر إلى منافعها المعدودة من خواصها لأنها منافع تافهة. اهـ.

وعلق الجمل في حاشيته على شرح منهج الطلاب على قوله: ما ‌في ‌اقتناء ‌الملوك لها من الهيبة والسياسة ليس من المنافع المعتبرة. فقال: أي ‌واقتناؤهم ‌لها ‌حرام. اهـ.

فإذا أضيف إلى ذلك ما أشار إليه السائل من الضرر المحتمل الذي قد يبلغ القتل، تأكد المنع. هذا مع ما في اقتنائها من إنفاق المال في غير موضعه.

وأما مسألة حبس الحيوان وتدريبه، فلا تعد تعذيبا له، ما دام يقوم على رعايتها وإطعامها، وانظر للفائدة الفتاوى: 2993، 30944، 139653.

وأما من تقتله هذه الحيوانات من المدربين، وهل يعتبر قاتلا لنفسه، فجواب ذلك يختلف بحسب ظن السلامة، فإن غلب فلا إِثْمَ عليه، وإلا أَثِم.

قال زكريا الأنصاري في أسنى المطالب: قال شيخنا -يعني الرملي-: ينبغي أن يكون للعب بالحيات، ومشي ‌البهلوان، كركوب البحر، إن غلبت السلامة جاز، وإلا حرم. اهـ.

وقال ابن حجر الهيتمي في تحفة المحتاج: قال الحلبي: هل من الحرام لعب ‌البهلوان، واللعب بالحيات؟ والراجح: الحل حيث غلبت السلامة، ويجوز التفرج على ذلك. اهـ.

وانظر الفتوى: 373876.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني