الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

سؤال المخطوبة عن ماضيها، هل يعد من قذف المحصنات؟ وهل الابتلاء بعد ذلك عقوبة؟

السؤال

تعرّفت إلى فتاة من أجل الخِطبة، وكنت سمعت عنها أنها كانت تكلّم شابًّا من قبل، وحدثت بينهما أحاديث جنسية على الهاتف، وأخبرتني البنت أنها كانت تتكلم مع ذلك الشاب حديثًا عاديًّا للتعارف، ولم تتفاهم معه، وبعد فترة قويت علاقتنا كثيرًا، وتقدّمت للخِطبة بشكل رسمي عن طريق والدتي؛ لأني مسافر خارج البلد، وبعد فترة صارت هي تفتح معي مواضيع جنسية على الهاتف، وبنفس طريقة الكلام التي سمعته عنها؛ فتفاجأت كثيرًا، ولم يعد عندي ثقة فيها، وقرّرت أن أسألها عن صحة الكلام الذي سمعته عنها، فسألتها: هل كانت علاقتك مع الشاب القديم مجرد حديث للتعارف، أم كانت بينكما مثل هذه الأحاديث على الهاتف؟ وما قصدت أنهما ارتكبا الفاحشة (الزنى)، ولكني قصدت هذه النوعية من الأحاديث على الهاتف، فقالت لي: كنت ناسية، وتذكّرت، تكلّمنا مثل هذه الأحاديث مرة أو مرتين فقط؛ فأنهيت العلاقة فورًا، وقالت لي: أنت اتّهمتني في شرفي وأخلاقي، وعملت كبيرة من الكبائر، وأنا لن أسامحك، مع العلم أني لم أتهمها، ولكني سألتها سؤالًا، وهي أقرّت به، لكنها قالت لي: أنت ما أعطيتني مجالًا لأوضح لك الحقيقة، وأنهيت الموضوع دون أن تفهم مني، وأنت قذفت محصنة، ولن أسامحك.
بعد فترة ابتلاني ربنا بمرض، ولا أعرف هل هو عقاب لأني تكلّمت معها في مواضيع محرمة على الهاتف، أم إن سؤالي لها هو فعلًا من قذف المحصنات، أم هو ابتلاء من ربنا سبحانه وتعالى؟ مع العلم أني لم أخبر بذلك أحدًا، والحديث كان بيني وبينها فقط، ولم أتهمها، ولكني سألتها سؤالًا، وأقرّت به، فهل ما بدر مني يعدّ قذفًا لمحصنة؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فإن كان الواقع ما ذكرت من أنك لم تذكر لهذه الفتاة إلا ما يتعلق بما دار بينها وبين ذلك الشاب؛ فليس ذلك من القذف الذي يترتب عليه الحد الشرعي الوارد في قول الله تعالى: وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ {النور:4}، وليس فيما ذكرت ما يدلّ على أنك ظالم لها؛ فلا وجه لما تقول من أنها لن تسامحك.

ولكنك أخطأت خطأ بينا حين أقدمت على سؤال هذه الفتاة عن ماضيها، ولم يكن لها أن تكشف لك عن ذلك، بل كان الواجب عليها أن تتوب، وتستر على نفسها، فقد ثبت في الصحيحين عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: كل أمتي معافى إلا المجاهرين، وإن من المجاهرة أن يعمل الرجل بالليل عملًا، ثم يصبح وقد ستره الله، فيقول: يا فلان، عملت البارحة كذا وكذا، وقد بات يستره ربه، ويصبح يكشف ستر الله عنه.

ومن أراد خطبة فتاة؛ فالطريق الأمثل أن يسأل عنها الثقات ممن يعرفونها، فإن أثنوا عليها خيرًا في دِينها؛ تقدّم لخِطبتها، وإلا أعرض عنها. ولمزيد الفائدة، راجع الفتوى: 8757.

ولا يلزم أن يكون ما أصابك من مرض بسبب ذنب اقترفته، بل قد يكون مجرد ابتلاء، والنبي صلى الله عليه وسلم أشد الناس بلاء، وهو الذي قد غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر.

ومن حكمة ذلك أن يرفع الله له في الدرجات، وكذا كان حال الأنبياء قبله، وراجع الفتوى: 13270.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني