الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تُكَفَّر السيئات باجتناب الكبائر وبالحسنات بعدها

السؤال

أنا شاب في العشرينات من العمر، بعثت لي امرأة على موقع للتواصل أنها معجبة، وتريد التحدّث معي، فقبلت اتصالها في مكالمة مرئية، وكانت امرأة جميلة جدًّا، ووسوس لي الشيطان للكلام معها، وكانت تسكن بجواري، وهي وحيدة في منزلها، وزوجها يعيش في بلد آخر، وأنا أيضًا أمتلك بيتًا وحدي، وتكلّمنا مدة قصيرة في أيام قليلة، وكانت تلبس ملابس تفتنني بها، إلى أن دعتني للزنى -والعياذ بالله-، فأتاني شعور بالابتعاد، وحذف الموقع، والابتعاد عنها كليًّا -ولله الحمد-، فهل لي الأجر في ذلك، ويغفر الله لي كلامي معها؟ مع العلم أني اجتنبت الزنى بها، وهو سهل، ولا يوجد شيء يبعدني إلا الخوف من الله عز وجل، وهل لأحد حق عندي يوم القيامة -كأبيها وزوجها-؟ مع العلم أنها هي التي كلّمتني، وحاولت أن توقعني في الحرام، وأنا الذي امتنعت.
أفيدوني؛ فالموضوع يقلقني، وأخاف من الخطايا، وأنا شاب، ولست حَجَرًا، وهذا ما جعلني أكلّمها في البداية.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فإننا أوَّلًا: نهنئك على توفيق الله عز وجل لك أن أنجاك من الوقوع مع هذه المرأة في الفاحشة، وقد دعتك إليها، وهي ذات جمال -كما ذكرت-؛ فاشكر الله على هذه النعمة: بالاجتهاد في سلوك سبيل الاستقامة، واجتناب سبل الغواية، ولدينا فتاوى متضمنة لتوجيهات، تفيدك في هذا الجانب، نحيلك منها على الفتاوى: 12928، 1208، 10800.

وما حدث منك معها من الكلام، والنظر، ونحو ذلك؛ لا شك في أنها أمور منكرة، ومن الوسائل للزنى.

ونرجو أن تكون قد كفّرها الله عنك باجتنابك الزنى، فقد قال تعالى: إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلًا كَرِيمًا {النساء:31}، قال ابن كثير في تفسيره: أي: إذا اجتنبتم كبائر الآثام التي نهيتم عنها، كفّرنا عنكم صغائر الذنوب، وأدخلناكم الجنة; ولهذا قال: (وندخلكم مدخلًا كريمًا). انتهى.

وقد تكفّر هذه الصغائر بالحسنات بعدها، وغير ذلك من المكفّرات، وسبق لنا ذكر بعضها في الفتوى: 345061.

فلا داعي للقلق، ولا تلتفتْ إلى ما مضى، بل أحسِنْ فيما يُستقبَل.

وفي مثل هذا المسلك الذي سلكتَه معها خيانة لزوجها وأهلها؛ سواء كانت هي البادئة أم لا، ولكن يكفيك فيه أن تُكثِر الدعاء لهم بخير، لا أن تستحّل أحدًا منهم؛ ففي الاستحلال مفاسد عظيمة، وراجع كلام أهل العلم في الفتوى: 122218.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني