الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تقديم حوافز مالية للأطباء لوصف أدوية شركة بعينها للمرضى

السؤال

ما حكم العمل كمندوب علمي لشركة أدوية؟ علماً أن طبيعة العمل تكون بإقناع الأطباء والصيدليات بكتابة أدوية الشركة للمرضى. وهذا الإقناع يكون عن طريق الكلام، وعن طريق تحفيزات مادية، وسفر إلى أوربا ودول أخرى.
فما حكم هذه التحفيزات، فقد شعرت كأنها تشبه الرشوة، والله أعلم؟
كما أريد التنبيه إلى أني محتاج للعمل، فأنا بعمر 23 سنة، وأحتاج إلى أن أُكوِّن نفسي، وحاليا لا أملك وظيفة. كما أن الحصول على وظيفة أخرى صعب جدا، وقد اضطر لانتظار التعيين الحكومي، الذي ربما يتأخر كثيرا.
وأريد التنبيه إلى أن راتب هذا العمل يعتبر ممتازا، ولا يُفوَّت.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فجزاك الله خيرا على تحريك للحلال، وخشيتك من الحرام، وحُقَّ لك ذلك.

وأما ما سألتَ عنه؛ فجوابه: أن ما ترتاب منه في محله، فأكثر الأطباء قد يحملهم الطمع والجشع على وصف الدواء لمن لا يحتاجه، وقد يصفونه للمريض مع علمهم بوجود ما هو أنفع منه له؛ ليظفروا بتلك المحفزات والعمولات، وهكذا.

وكون الأمر يوكل إلى صدقهم وأمانتهم مما قد يتعذر، وبالتالي؛ فالمتجه سَدُّ هذا الباب خشية المفاسد الكثيرة التي قد تترتب عليه، كما سد الشارع باب هدايا العمال، وسماها غُلولا. فالإنسان ضعيف العزم أمام المغريات المادية، إلا من رحم ربك.

وسد الذرائع معناه عند أهل العلم: منع الأمر المباح في الأصل، أو الظاهر؛ لكونه يتوصل به إلى حرام، أو يؤول إليه.

وقد أخذ بهذا الأصل الإمام مالك، والإمام أحمد، ومن وافقهما.

قال العلوي في مراقيه:

سَدُّ الذَّرائع إلى المُحَرَّم حَتْم كَفَتْحِها إلى المُنْحَتِم.

وللمزيد، انظر الفتوى: 51407

وعليه؛ فالذي يظهر -والله أعلم- منع تلك الحوافز المالية، سدًّا للذريعة إلى تلك المفسدة المتوقعة.

وبالتالي؛ فإن استطعت أن تقتصر في عملك على إقناع الأطباء بالكلام الصدق الذي يبين الحقيقة، ولا يزينها بغش أو خداع أو تدليس؛ فابْق في عملك.

وإن لم يمكن ذلك، وكان لا بد أن يكون من ضمن عملك بذل تلك الحوافز للأطباء، فإن وجدت عملا آخر، فانتقل إليه، وإن لم تجد عملا يفي بحاجتك، فلا بأس بالبقاء في عملك الحالي، مع البحث عن عمل مباح غيره، فإذا وجدته تركت ذاك العمل. فالحاجة والضرورة تقدر بقدرها.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني