الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

شجاعة عمر رضي الله عنه

السؤال

هل صحيح أن عمر رضي الله عنه لم يقتل مشركاً واحداً ؟ وإذا كان قد قتل مشركين في المعارك فمن هم هؤلاء ؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: ‏

فالوقوف على أسماء المشركين الذين قتلهم عمر رضي الله عنه وغيره من الصحابة أمر ‏متعذر، وذلك أن كتب السيرة والتاريخ لا تعنى ببيان أسماء المشركين رجلاً رجلاً، وعلى ‏يد من قتلوا من الصحابة.‏
وغاية الأمر أن تذكر بعض أسماء قتلى المشركين العتاة، أو من جرى في مقتلهم قصة أو ‏حديث، أو خرجوا للمبارزة.‏
ولا يعني المسلم ولا يفيده أن يقف على هذه الأمور، وحسبه أن يعلم أن هؤلاء الصحابة ‏الكرام هم الذين نصر الله بهم الدين وأقام بهم الملة، وأنهم كانوا يبذلون أرواحهم دون ‏روح النبي صلى الله عليه وسلم، وأنهم الغاية في الشجاعة والثبات والإقدام.‏
وعلى رأس هؤلاء أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه الذي "ما سلك وادياً إلا سلك ‏الشيطان وادياً غيره"، كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم.‏
وقد ضرب مثالاً رائعاً في الشجاعة منذ أسلم رضي الله عنه، قال ابن عباس رضي الله عنه: ‏سألت عمر بن الخطاب لأي شيء سميت الفاروق ؟ قال أسلم حمزة قبلي بثلاثة أيام، ثم ‏قص عليه قصة إسلامه، ثم قال: قلت يا رسول الله: ألسنا على الحق إن متنا وإن حيينا؟ ‏قال: بلى، والذي نفسي بيده، إنكم على الحق وإن متم وإن حييتم، قال: قلت: ففيم ‏الاختفاء؟ والذي بعثك بالحق لنخرجن، فخرجنا في صفين، حمزة في أحدهما، وأنا في ‏الآخر، وله كديد ككديد الطحين، حتى دخلنا المسجد، قال: فنظرت إليّ قريش وإلى ‏حمزة، فأصابتهم كآبة لم يصبهم مثلها، فسماني رسول الله صلى الله عليه وسلم الفاروق ‏يومئذ.
وكان ابن مسعود يقول: ما كنا نقدر أن نصلي عند الكعبة حتى أسلم عمر.‏
وقال: ما زلنا أعزة منذ أسلم عمر.‏
وقال صهيب: لما أسلم عمر ظهر الإسلام، ودعي إليه علانية، وجلسنا حول البيت حلقاً، ‏وطفنا بالبيت، وانتصفنا ممن غلظ علينا، ورددنا عليه بعض ما يأتي به.‏
وحين أسلم جاء بيت أبي جهل وضرب عليه بابه وقال: جئت لأخبرك أني قد آمنت بالله ‏وبرسوله محمد، وصدقت بما جاء به.‏
وخير ما يدلك على قوة عمر ومنعته وشجاعته في الجاهلية والإسلام قول النبي صلى الله ‏عليه وسلم: " اللهم أعز الإسلام بأحب الرجلين إليك بعمر بن الخطاب أو بأبي جهل بن ‏هشام" فكان أحبهما إلى الله عمر رضي الله عنه. رواه الترمذي.‏
وذكر أصحاب السيرة أن علياً رضي الله عنه قال: ما علمت أحداً من المهاجرين هاجر إلا ‏مختفياً، إلا عمر بن الخطاب، فإنه لما همَّ بالهجرة تقلد سيفه، وتنكب قوسه، وانتضى في ‏يده أسهماً، واختصر عنزته، ومضى قِبَلَ الكعبة، والملأ من قريش بفنائها، فطاف بالبيت ‏سبعاً متمكناً، ثم أتى المقام فصلى ركعتين، ثم وقف على الحِلَق واحدة واحدة، وقال لهم: ‏شاهت الوجوه، لا يرغم الله إلا هذه المعاطس، من أراد أن يُثكل أمه، أو ولده، أو يرمل ‏زوجته فليلقني وراء هذا الوادي.
قال علي رضي الله عنه: فلم يتبعه أحد إلا قوم من ‏المستضعفين علمهم ما أرشدهم إليه، ثم مضى لوجهه.‏
فرضي الله عن عمر وعن سائر أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم.‏
والله أعلم.‏

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني