خلاصة الفتوى:
يجب أداء الحج إذا توفرت شروط الاستطاعة سواء كان الشخص موظفا أم لا، والمقصود بالاستطاعة ماديا أن يجد ما يحتاج إليه في ذهابه ورجوعه من مأكول ومشروب وكسوة، زائداً على نفقة من تلزمه نفقته من زوجة وأبناء في مدة ذهابه وإيابه فقط، وإذا تبين معنى الاستطاعة وكان الأخ السائل من أهلها فعليه أن يؤدي فريضة الحج عن نفسه، وبعدها يقوم بتنفيذ وصية عمته، وإن كان عاجزا حقيقة لم يجب عليه الحج ولم يشرع له الحج نيابة عن غيره، وليوكل غيره ممن حج عن نفسه ليحج عنها.
والظاهر أن إخراج الزكاة عن هذا الذهب غير صواب لأنه قبل العجز عن تنفيذ الوصية ليس له مالك معين، وبعده يصير ملكا للورثة، ولا زكاة عليهم فيه، وإذا كانت عمتك توفيت بعد تمكنها من الحج ولم تحج وتركت مالا فيجب على ورثتها أن يخرجوا من مالها (التركة) ما يُحَج به عنها، فإن لم تترك مالا يكفي للحج لم يجب عليهم الإحجاج عنها.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن ما ذكر الأخ السائل من أنه موظف ليس عائقا عن أداء فريضة الحج بل يفترض أن يكون ذلك مساعدا على تكاليف الحج، والغالب في جميع الوظائف الحصول على إجازات تزيد على فترة الحج. وكذلك ارتفاع تكاليف الحج ليس عذرا وحده إذ قد ترتفع التكاليف ويكون الشخص قادرا لأن العبرة بالاستطاعة لا بارتفاع التكاليف من عدمه، فإن الحج فرض على كل مسلم، والراجح وجوبه على الفور فلا يجوز للمستطيع تأخيره لأنه لا يدري ما يعرض له فقد يفتقر وقد يمرض إلى غير ذلك من العوائق، قال الله تعالى: وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً {آل عمران:97}.
وقد فسر النبي صلى الله عليه وسلم الاستطاعة بأنها الزاد والراحلة، رواه الترمذي وابن ماجه وغيرهما.
والمقصود بالزاد ما يحتاج إليه في ذهابه ورجوعه من مأكول ومشروب وكسوة، ويشترط أن يكون زائداً على نفقة من تلزمه نفقته من زوجة وأبناء في مدة ذهابه وإيابه فقط، وإذا تبين معنى الاستطاعة وكنت من أهلها فعليك أن تؤدي فريضة الحج عن نفسك وبعد ذلك تقوم بتنفيذ وصية عمتك، وإن كنت عاجزا حقيقة لم يجب عليك الحج ولم يجز لك الحج نيابة عن غيرك على الراجح، ولك أن توكل غيرك ممن حج عن نفسه ليحج عن عمتك.
والظاهر أن إخراج زكاة الذهب المذكورغير صواب لأنه قبل العجز عن تنفيذ الوصية ليس له مالك معين، وبعده يصير ملكا للورثة ولا زكاة عليهم فيه إذا لم يكونوا على علم به، وإذا تقرر أن إخراج الزكاة غير صواب فإنك بإخراجها تكون ضامنا لما أخرجته منها.
وإذا لم تتمكن من تنفيذ الوصية بسبب العجز عن الحج وكانت عمتك توفيت بعد تمكنها من الحج ولم تحج وتركت مالا فيجب على ورثتها أن يخرجوا من مالها (التركة) ما يحَج به عنها، فإن لم تترك مالا يكفي للحج لم يجب عليهم الإحجاج عنها.
قال ابن قدامة في المغني: وجملة ذلك أنه ليس لمن لم يحج حجة الإسلام أن يحج عن غيره، فإن فعل وقع إحرامه عن حجة الإسلام، وبهذا قال الأوزاعي، والشافعي، وإسحاق، وقال أبو بكر عبد العزيز: يقع الحج باطلاً، ولا يصح ذلك عنه، ولا عن غيره، وروي ذلك عن ابن عباس، لأنه لما كان من شرط طواف الزيارة تعيين النّية، فمتى نواه لغيره ولم ينو لنفسه لم يقع عن نفسه. وقال الحسن، وإبراهيم، وأيوب السختياني، وجعفر بن محمد، ومالك، وأبو حنيفة: يجوز أن يحج عن غيره من لم يحج عن نفسه، وحُكي عن أحمد مثل ذلك...انتهى.
وقال صاحب الروض: وإن مات من لزماه (أي الحج والعمرة) أخرجا من تركته من رأس المال، أوصى به أو لا. انتهى.
وقال في الإنصاف في الفقه الحنبلي: فإن عينه في الوصية, فقال : يحج عني فلان بألف, فأبى الحج وقال : اصرفوا لي الفضل: لم يعطه. وبطلت الوصية. يعني من أصلها إذا كان تطوعا ثم ذكر خلافا إلى أن قال ... محل هذا الخلاف : إذا كان الموصي قد حج حجة الإسلام، أما إذا لم يكن حج حجة الإسلام وأبى من عينه فإنه يقام غيره بنفقة المثل. والفضل للورثة . ولا تبطل قولا واحدا . وهو واضح .
وللفائدة يرجى الاطلاع على الفتوى رقم: 68529.
والله أعلم.