الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن من أتلف مالاً لغيره وجب عليه ضمانه ويجب عليه أن يتحرى عن صاحب المال ويبحث عنه أو عن ورثته، فإن عجز فإنه يتصدق بهذا المال عن صاحبه بشرط أن يضمنه له إن عثر عليه يوماً من الدهر.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: لو حصل بيده أثمان من غصوب وعواري وودائع لا يعرف أصحابها، فإنه يتصدق بها عنهم، لأن المجهول كالمعدوم في الشريعة، والمعجوز عنه كالمعدوم.اهـ.
وذلك لأن الله سبحانه وتعالى يقول: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ {التغابن: 16}. فالتائب مِنْ ظلم الناس إذا فعل ما بوسعه وعجز عن الوصول لصاحب الحق فإنه يتصدق به عنه ويرجى له أن تقبل توبته، أما صاحب الحق فإن رضي في الآخرة بأجر الصدقة فله أجرها، وإن لم يرض فقد ورد في بعض الأحاديث أن الله عز وجل يعوضه من فضله.
وفي هذه المسألة آثار معروفة فعن عبد الله بن مسعود لما اشترى جارية ثم خرج ليوفي البائع الثمن فلم يجده، فجعل يطوف على المساكين ويقول: اللهم هذه عن صاحب الجارية، فإن رضي، فقد برئت ذمتي، وإن لم يرض فهو عني، وله علي مثلها يوم القيامة.
وعلى كل حال فأمر التائب مفوض إلى الله عز وجل فإن شاء الله عز وجل تاب عليه، فإذا كان يوم القيامة فإن الله بفضله يرضي خصومه.
وقد روى ابن أبي شيبة في مصنفه عن مالك بن دينار قال: قال رجل لعطاء بن أبي رباح: رجل أصاب مالا من حرام، قال: ليرده على أهله، فإن لم يعرف أهله فليتصدق به، ولا أدري ينجيه ذلك من إثمه. وفي رواية أخرى عن مالك بن دينار أن رجلا سأل عطاء فقال: إني كنت غلاما فأصبت أموالا من وجوه لا أحبها فأنا أريد التوبة، قال: ردها إلى أهلها، قال: لا أعرفهم، قال: تصدق بها، فما لك من ذلك من أجر، وما أدري هل تسلم من وزرها أم لا ؟ قال: وسألت مجاهدا فقال مثل ذلك. اهـ.
ويمكنك مراجعة ذلك في الفتاوى الآتية أرقامها: 4603، 7576، 48696، 57202.
أما من يشهد حادثة صدم فيجب عليه إبلاغ صاحب السيارة المصدومة أو الجهات المعنية لأن في ذلك حفظ لأموال الناس، فإن فرط في ذلك حتى ضاع حق صاحب السيارة المصدومة فإنه يلزمه ضمانه.
قال الخرشي: والمعنى أن من قدر على خلاص شيء مستهلك من نفس أو مال لغيره بيده كمن محارب أو سارق أو نحوهما أو شهادته.... وكتم الشهادة أو إعلام ربه بما يعلم من ذلك حتى تعذر الوصول إلى المال بكل وجه ضمن دية الحر وقيمة العبد. اهـ.
والله أعلم.