الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلا شك أن سكن الميت يدخل في التركة التي يقتسمها الورثة من بعده كما بيناه في هاتين الفتويين: 49632، 317572.
وما ذكره الأخ السائل أن والده زوج أولاده الآخرين واشترى لهم سكنا وأعانهم بالمال فجوابه أن تزويج الأولاد المحتاجين لا يعد مخالفا لما جاء به الشرع من العدل بين الأولاد في العطية، لأن العدل المطلوب شرعا في غير ما يكون دفعا للحاجة، فأما ما كان دفعا للحاجة فإنه يعطى كل إنسان مقدار حاجته. قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: لو احتاج أحد الأبناء إلى زواج فزوجه فإنه لا يلزمه أن يعطي الآخرين مثل ما أعطى هذا لزواجه، ولكن يجب عليه إذا بلغ الآخرون سن الزواج وأرادوا أن يتزوجو أن يزوجهم كما زوج الأول... انتهى.
وأما إعطاؤهم السكن فإن كانوا قادرين على السكن بالإيجار فهم ليسوا محتاجين. وإعطاؤهم السكن حينئذ دون بقية الأولاد يعتبر جورا في العطية. والمفتى به بطلان هذا النوع من العطايا التي لم يعدل الوالد فيها كما بيناه في الفتوى رقم: 101286، وفي هذه الحال إذا لم يرد الأولاد المفضلون ما وهبه لهم والدهم فإنه يخصم من نصيبهم من التركة مقابل ذلك، وعند الخصومة يرجع إلى المحكمة الشرعية، ونصيحتنا لأولئك الأولاد أن لا يستعجلوا في المطالبة بقسمة البيت مادامت أمهم تسكن فيه مع إخوتهم الصغار ما دامت محتاجة إلى السكن فيه، وليس عندها ما تشتري به سكنا آخر، ويمكنهم أن يقسموا البيت من غير أن يخرجوا أمهم وإخوانهم بحيث يعرف نصيب كل واحد من الورثة في البيت، وتبقى أمهم في البيت، وإن أرادوا بيعه ليأخذ كل واحد حقه فلهم ذلك، ولكن يلزمهم شرعا سكنى أمهم مادامت فقيرة.
والله أعلم.