الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن الأصل في الأموال المتبرع بها أن تصرف في الجهة التي خصصت لها من طرف المتبرع، فإذا تبرع - مثلاً - فاعل خير لشراء سلعة ما يحتاجها المتبرع له، وللمتبرع فيها غرض معتبر، ثم حال دون شرائها حائل كما في السؤال، فالأصل أن لا يصرف ذلك المال في شيء آخر إلا بعد موافقة المتبرعين.
جاء في حاشية الجمل: لَوْ دَفَعَ لَهُ تَمْرًا لِيُفْطِرَ عَلَيْهِ تَعَيَّنَ لَهُ عَلَى مَا يَظْهَرُ فَلَا يَجُوزُ اسْتِعْمَالُهُ فِي غَيْرِهِ نَظَرًا لِغَرَضِ الدَّافِعِ. انتهى.
وقال الشيخ زكريا الأنصاري في أسنى المطالب: وَلَوْ أَعْطَاهُ دَرَاهِمَ وَقَالَ اشْتَرِ لَك بِهَا عِمَامَةً أَوْ اُدْخُلْ بِهَا الْحَمَّامَ أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ تَعَيَّنَتْ لِذَلِكَ مُرَاعَاةً لِغَرَضِ الدَّافِعِ، هَذَا إنْ قَصَدَ سَتْرَ رَأْسِهِ بِالْعِمَامَةِ وَتَنْظِيفَهُ بِدُخُولِهِ الْحَمَّامَ لِمَا رَأَى بِهِ مِنْ كَشْفِ الرَّأْسِ وَشَعَثِ الْبَدَنِ وَوَسَخِهِ، وَإِلَّا أَيْ وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ ذَلِكَ بِأَنْ قَالَهُ عَلَى سَبِيلِ التَّبَسُّطِ الْمُعْتَادِ، فَلَا تَتَعَيَّنُ لِذَلِكَ، بَلْ يَمْلِكُهَا أَوْ يَتَصَرَّفُ فِيهَا كَيْفَ شَاءَ. انتهى.
وبالتالي، فإن أمكن إعلام المتبرعين بما حصل ليأذنوا في صرف تبرعاتهم في شيء آخر أو يهبوك إياها فهذا هو الواجب. فإن تعذر ذلك فعليك رده إليهم. إلا إذا علم بالعادة أومن مقتضى الحال أنهم إنما بذلوا تبرعاتهم لك، وكان ذكر السلعة من باب الحاجة القائمة فحسب، ولا يمانعون قطعا في صرف تبرعاتهم في غيرها من حاجاتك فلا حرج عليك في استعمالها.
كما قال الشيخ زكريا الأنصاري: وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ ذَلِكَ بِأَنْ قَالَهُ عَلَى سَبِيلِ التَّبَسُّطِ الْمُعْتَادِ، فَلَا تَتَعَيَّنُ لِذَلِكَ، بَلْ يَمْلِكُهَا أَوْ يَتَصَرَّفُ فِيهَا كَيْفَ شَاءَ. انتهى.
والله أعلم.