الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان هذا حال والدك وهو أنه يسب الدين فأمره خطير وهو بذلك يعتبر مرتدا عن الإسلام، وراجعي الفتويين: 12447 ، 23340. وترك الصلاة، والتفريط في الصوم، وشرب الخمر ذنب عظيم وكبيرة من كبائر الذنوب، وكفى بالكفر جرما وإثما.
واعلمي أن من أعظم برك بوالدك وإحسانك إليه سعيك في سبيل هدايته، بالدعاء والتضرع إلى الله أولا ثم بالاستعانة بأهل العلم والفضل والمقربين إليه ممن يثق فيهم ويسمع كلامهم، عسى الله تعالى أن يجعلكم سببا في هدايته، وأعظم بذلك من قربة، ثبت في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لأن يهدي الله بك رجلا واحدا خير لك من حمر النعم.
وأما بالنسبة لابنتك هذه فإن لم تكوني في حاجة إلى العمل فقرارك في بيتك وحرصك على رعايتها خير لك، فهي بلا شك في حاجة إلى عطفك وحنانك، والمرأة المشغولة لن تجد الوقت الكافي للإشراف على أولادها والعناية بهم، وما أصدق قول القائل:
ليس اليتيم من انتهى أبواه من * همّ الحياة وخلفاه ذليلا
إن اليتيم هو الذي تلقى له * أماً تخلّت أو أباً مشغولا
وأما إن كنت في حاجة إلى العمل فابحثي لها عن بيئة صالحة تضعينها فيها، فإن الطفل يتأثر كثيرا بما يرى ويسمع.
قال أبو بكر بن العربي : إن الصبي أمانة عند والديه، وقلبه الطاهر جوهرة نفيسة ساذجة خالية عن كل نقش وصورة، وهو قابل لكل نقش، وقابل لكل ما يمال به إليه، فإن عُوِّد الخير وعُلِّمه نشأ عليه وسعد في الدنيا والآخرة، يشاركه في ثوابه أبواه وكل معلم له ومؤدب، وإن عود الشر وأهمل شقي وهلك...اهـ.
وابنتك هذه وإن كانت لا تزال في سن صغيرة إلا أنها يمكن أن تتأثر بما ترى وتسمع فينطبع ذلك في ذهنها ويكون له الأثر البالغ في مستقبل أيامها. فلا ننصحك بتركها إذن في بيت عائلتك ما دام أبوك على الحال المذكور، بل ابحثي لها عن حاضنة صالحة أمينة ولو في مقابل أجرة تدفعينها إليها.
والله أعلم.