الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأصل جواز العمل بأذان المؤذن الثقة وتقليده في الحكم بدخول الوقت، قال ابن قدامة ـ رحمه الله: وَإِذَا سَمِعَ الْأَذَانَ مِنْ ثِقَةٍ عَالِمٍ بِالْوَقْتِ، فَلَهُ تَقْلِيدُهُ، لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ لَا يُؤَذِّنُ إلَّا بَعْدَ دُخُولِ الْوَقْتِ، فَجَرَى مَجْرَى خَبَرِهِ، وَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: الْمُؤَذِّنُ مُؤْتَمَنٌ ـ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد، وَلَوْلَا أَنَّهُ يُقَلِّدُ وَيُرْجَعُ إلَيْهِ مَا كَانَ مُؤْتَمَنًا وَجَاءَ عَنْهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَنَّهُ قَالَ: خَصْلَتَانِ مُعَلَّقَتَانِ فِي أَعْنَاقِ الْمُؤَذِّنِينَ لِلْمُسْلِمِينَ صَلَاتُهُمْ وَصِيَامُهُمْ ـ رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ، وَلِأَنَّ الْآذَانَ مَشْرُوعٌ لِلْإِعْلَامِ بِالْوَقْتِ فَلَوْ لَمْ يَجُزْ تَقْلِيدُ الْمُؤَذِّنِ لَمْ تَحْصُلْ الْحِكْمَةُ الَّتِي شُرِعَ الْآذَانُ مِنْ أَجْلِهَا، وَلَمْ يَزَلْ النَّاسُ يَجْتَمِعُونَ فِي مَسَاجِدِهِمْ وَجَوَامِعِهِمْ فِي أَوْقَاتِ الصَّلَاةِ، فَإِذَا سَمِعُوا الْأذَانَ قَامُوا إلَى الصَّلَاةِ، وَبَنَوْا عَلَى أَذَانِ الْمُؤَذِّنِ مِنْ غَيْرِ اجْتِهَادٍ فِي الْوَقْتِ، وَلَا مُشَاهَدَةِ مَا يَعْرِفُونَهُ مِنْ غَيْرِ نَكِيرٍ، فكان إجماعا. انتهى.
وعليه، فلا حرج عليك في تقليد المؤذنين في بلدك، لأن الأصل صحة ما يخبرون به من دخول الوقت، وبخاصة إذا اجتمعوا على ذلك، إلا أن يظهر لك بالدليل البين أنهم يؤذنون للعشاء قبل مغيب الشفق الأحمر فحينئذ لا يجوز لك تقليدهم.
والله أعلم.