توضيح حول كشف اليسير من العورة في الصلاة

9-1-2012 | إسلام ويب

السؤال:
قلتم مرة عن انكشاف العورة في الصلاة: وإن كان يسيرا وعلم بانكشافه ولم يستره فعليه إعادة تلك الصلاة.
لكن بنفس الوقت ذكرتم أن من صلت كاشفة الجزء الذي بين الرقبة و الذقن فالراجح أن صلاتها صحيحة. و هنا أفهم أنها بدأت بالصلاة و هي عالمة أن هذا اليسير مكشوف.
و كذلك قلتم: وأما إذا انكشفَ شيءٌ يسيرٌ من العورة ولم يستره المكلف أو لم يبادر بستره، ففيه خلاف مشهور ومذهب الجمهور صحةُ الصلاةِ والحالُ هذه.
كيف نوفق بين هذه الأقوال ؟ إذا بدأ الشخص الصلاة و هو يعلم أن هناك يسيراً منكشفاً /أو توقع حصول هذا الانكشاف اليسير /أو علم به أثناء الصلاة و لم يستره. فما حكم صلاته ؟
أنا كنت أعلم على أنه يعفى عن يسير الانكشاف دون تدقيق متى يحصل و هل يحصل عمداً أو لا .و هناك حالات قمت عمداً بكشف جزء يسير -تحت الذقن- أثناء الصلاة . فماذا يلزمني ؟

الإجابــة:

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:

فنقول ابتداء إن الفقهاء مختلفون في صحة صلاة من انكشف شيء يسير من عورته في الصلاة، فمنهم من أبطلها ومنهم من لم يبطلها.

قال الحافظ العراقي في طرح التثريب: فَمَتَى انْكَشَفَ مِنْهَا شَيْءٌ وَلَوْ كَانَ يَسِيرًا بَطَلَتْ الصَّلَاةُ عِنْدَ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَالْأَكْثَرِينَ، وَقَالَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ لَا يَضُرُّ انْكِشَافُ شَيْءٍ يَسِيرٍ مِنْ الْعَوْرَةِ. اهــ.

وقَال النَّوَوِيُّ : فَإِنِ انْكَشَفَ شَيْءٌ مِنْ عَوْرَةِ الْمُصَلِّي لَمْ تَصِحَّ صَلاَتُهُ سَوَاءٌ أَكَثُرَ الْمُنْكَشِفُ أَمْ قَل ، وَلَوْ كَانَ أَدْنَى جُزْءٍ، وَهَذَا إِذَا لَمْ يَسْتُرْهَا فِي الْحَال. وَذَهَبَ الْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّهُ لاَ يَضُرُّ انْكِشَافُ يَسِيرٍ مِنَ الْعَوْرَةِ بِلاَ قَصْدٍ ، وَلَوْ كَانَ زَمَنُ الاِنْكِشَافِ طَوِيلاً ... إلخ. اهــ. والقول بعدم البطلان نسب أيضا لأكثر أهل العلم.

قال شيخ الإسلام: إذَا انْكَشَفَ شَيْءٌ يَسِيرٌ مِنْ شَعْرِهَا وَبَدَنِهَا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهَا الْإِعَادَةُ عِنْدَ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ وَهُوَ مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد. اهــ .
والاختلاف في الفتويين اللتين أشارت إليهما السائلة سببه أن من أجاب في الفتوى الأولى ببطلان الصلاة أخذ بقول طائفة من أهل العلم كما في الفتوى رقم: 137667, ومن أجاب بصحتها أخذ بالقول الآخر كما في الفتوى رقم: 115118, مع التنبيه إلى أمرين :
أولهما : أن الفتوى التي قالت بعدم بطلان الصلاة روعي فيها حال السائلة حيث إنها مصابة بشيء من الوسوسة فأفتيت بما فيه تيسير عليها وعلاج لحالها .
ثانيا : أن الحنابلة القائلين بعدم بطلان الصلاة بانكشاف اليسير يقيدونه بعدم التعمد على ما رجحه كثير منهم كما قال صاحب الروض " ... لم يفحش المكشوف ولو طال الزمن لم يعد إن لم يتعمده .. " اهــ. وكذا الحنفية القائلون بالعفو عن انكشاف يسير العورة يعللونه بالضرورة كما قال في البحر الرائق " قَلِيلَ الِانْكِشَافِ عَفْوٌ عِنْدَنَا لِلضَّرُورَةِ. اهــ.

وجاء في الموسوعة الفقهية: سَتْرُ الْعَوْرَةِ شَرْطٌ مِنْ شُرُوطِ صِحَّةِ الصَّلاَةِ كَمَا تَقَدَّمَ ، فَلاَ تَصِحُّ الصَّلاَةُ إِلاَّ بِسَتْرِهَا ، وَقَدِ اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى بُطْلاَنِ صَلاَةِ مَنْ كَشَفَ عَوْرَتَهُ فِيهَا قَصْدًا ... " اهــ .

وإذا كانت الفتوى التي أشرت إلى أننا ذكرنا فيها صحة صلاة من صلت كاشفة الرقبة والذقن هي الفتوى رقم: 121534، فإنك إذا عدت إليها بتأمل عرفت أنه ليس فيها ما يخالف سائر فتاوانا

والله أعلم.
 

www.islamweb.net