الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فليس حكم قذف المحصنات من حيث الحرمة، واستحقاق الحد على القاذف، مختص بكون المقذوفة متزوجة، بل الإحصان في باب حد القذف يشمل المتزوجة، وغير المتزوجة ما دامت حرة، مسلمة، عاقلة، عفيفة، بلغت تسع سنوات عند الحنابلة، والمالكية، أو البلوغ عند الحنفية، والشافعية، بل لا فرق في ذلك بين كون المقذوف ذكرًا، أو أنثى.
قال الموفق في المغني: وشرائط الإحصان الذي يجب الحد بقذف صاحبه، خمسة: العقل، والحرية، والإسلام، والعفة عن الزنا، وأن يكون كبيرًا يجامع مثله.
واختلفت الرواية عن أحمد، في اشتراط البلوغ: فروي عنه، أنه شرط، وبه قال الشافعي، وأبو ثور، وأصحاب الرأي؛ لأنه أحد شرطي التكليف، فأشبه العقل؛ ولأن زنا الصبي لا يوجب حدًّا، فلا يجب الحد بالقذف به، كزنا المجنون.
والثانية: لا يشترط؛ لأنه حر، عاقل، عفيف، يتعير بهذا القول الممكن صدقه، فأشبه الكبير، وهذا قول مالك، وإسحاق، فعلى هذه الرواية: لا بد أن يكون كبيرًا يجامع مثله، وأدناه أن يكون للغلام عشر، وللجارية تسع. اهـ. وانظر الفتوى رقم: 15776.
ولعل السائل أُتي من قِبل الخلط بين شروط الإحصان في باب حد الزنا، وشروط الإحصان في باب حد القذف، وللوقوف على الفرق بين شروط الإحصان في البابين ننصح السائل بالرجوع إلى كلام الشيخ العثيمين في الشرح الممتع في باب حد القذف، فقد بينه بيانًا شافيًا.
وانظر للفائدة المعاني التي يرد بها لفظ الإحصان في القرآن الكريم، في الفتوى رقم: 15512.
والله أعلم.