حكم امتناع الزوجة من الانتقال للسكن الجديد

12-6-2014 | إسلام ويب

السؤال:
أستحلفكم بالله أن تجيبوا بكل التفصيل الممكن على هذا الإشكال بين أبي وأمي الذي دام لسنوات: علاقة والدَيَّ للأسف كانت دائماً متوترة بحكم الخلافات المتعددة بينهما، ولكنهما ـ والله على ما أقول شهيد ـ ضحوا بالغالي والنفيس من أجل تدريس وتنشئة أولادهما الخمسة، وبعد ما كبرنا وتحسنت الوضعية المادية ولله الحمد، باع أبي منزلنا القديم في الحي الشعبي الذي نشأنا فيه، وانتقلنا بشكل مؤقت إلى منزل فارغ في ملكية زوج أختي الذي يسكن في مدينة أخرى بحكم عمله، وقرر والدي أن يبني بيتا جديدا في حي آخر، ومنذ ذلك اليوم أبدت والدتي معارضة شديدة على الانتقال إلى ذلك الحي، إلا أن أبي بذل مجهودا كبيرا واستلف بعض المال حتى أكمل هذا المنزل الجديد، والخلاف بين أبي وأمي بهذا الخصوص بلغ مبلغا شديدا حتى أصبحت أمي معقدة نفسيا من ذلك الحي الجديد إلى درجة تهديدها بالإنتحار في حال أُرغمت على الانتقال إليه، أما أبي فهو لا يستطيع أن يشتري بيتا آخر فهي تطالبه ببيع المنزل الذي بناه وشراء منزل آخر في منطقة يتفقان عليها، وهذا شيء معقد وصعب التنفيذ، فالخلاف ليس بشأن المنزل نفسه ولكن بخصوص المنطقة، ربما يظهر هذا الإشكال تافها للبعض، إلا أن هذه المشكلة سببت سخطا بين أمي وأبي وبقية الأسرة حتى اقترب الأمر من الطلاق بينهما رغم أن أعمارهما في الستينيات، فهل يحق لأمي شرعا أن ترفض الانتقال إلى هذا المنزل بحكم أنها معقدة نفسيا والأمر يسبب لها معاناة نفسية والإحساس بالغبن بعدما أنشأت أولادها وتفرقوا من حولها بحكم العمل والدراسة؟ أم أن الحق إلى جانب والدي الذي يريد أن يُرغمها على الانتقال إلى الحي الذي بنى فيه منزله رغم أن أمي معقدة منه وغير مرتاحة نهائيا له؟.
وجزاكم الله خيرا ونفع المسلمين بكم.

الإجابــة:

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فليس من حقّ أمّك الامتناع من الانتقال إلى المسكن الجديد لمجرد عدم رضاها عن مكانه، فحيث كان المسكن مستقلاً مناسباً لها ولا ضرر عليها فيه، فالواجب عليها الانتقال إليه، قال الماوردي الشافعي رحمه الله:... وَأَمَّا التَّمْكِينُ فَيَشْتَمِلُ عَلَى أَمْرَيْنِ لَا يَتِمُّ إِلَّا بِهِمَا.

أَحَدُهُمَا: تَمْكِينُهُ مِنَ الِاسْتِمْتَاعِ بِهَا.

وَالثَّانِي: تَمْكِينُهُ مِنَ النَّقْلَةِ مَعَهُ حَيْثُ شَاءَ فِي الْبَلَدِ الَّذِي تَزَوَّجَهَا فِيهِ وَإِلَى غَيْرِهِ مِنَ الْبِلَادِ إِذَا كَانَتِ السُّبُلُ مَأْمُونَهً.

وننبه إلى أنّ تهديد الأمّ بالانتحار منكر مبين، فالانتحار من أكبر الكبائر ومن أعظم الذنوب، كما بينا ذلك في الفتوى رقم: 10397.

فبينوا ذلك لأمّكم وعرفوها بما يجب عليها من طاعة زوجها ومعاشرته بالمعروف، واسعوا للإصلاح بينها وبين أبيكم والتأليف بينهما حتى يعود بينهما التراحم والتفاهم. 

والله أعلم.

www.islamweb.net