قول (حل عن ربي) رؤية شرعية أدبية

3-9-2014 | إسلام ويب

السؤال:
ما حكم من قال كلمة: حل عن ربي/ ‏ديني سماي/ عند الغضب، دون قصد ‏الإساءة، أو سب الذات الإلهية؟
‎ ‎وهل هذا الكلام ردة عن الإسلام؟ ‏وإذا كان ردة. فهل يذهب كل الثواب ‏الذي عمله قائلها في حياته، حتى إذا ‏تاب بعد ذلك أي الثواب قبل التلفظ ‏بهذه الكلمة (قال أحدهم للآخر قل ‏لفلان أن يحل عن ربي، فقال الآخر ‏متعجبا يحل عن ربك!!! دون قصد ‏أن يقولها من تلقاء نفسه.‏
‏ فهل يعتبر الثاني مرتدا أو كافرا؟

الإجابــة:

الحمد لله، والصلاة والسلام على ‏رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما ‏بعد:‏ ‏

فينبغي للإنسان أن يصون لسانه ‏عن قول ما لا يرضي الله عز وجل، ‏وأن يتريث عند الكلام، ويختار من ‏الألفاظ، والعبارات ما يفهم ‏منه مراده، دون اللجوء إلى ما ‏يؤدى لمعان، ومفاهيم مخالفة ‏للشرع، وفي الغالب لا يكون ‏الشخص يقصد ذلك عند حديثه، لكن ‏عند إطلاقه لتلك العبارات الدارجة ‏على ألسنة بعض الناس، دون تروٍ، ‏أو تدبر في معانيها، يقع في ‏المحظور دون علم.‏

وقد حذر النبي صلى الله عليه وسلم ‏من إطلاق الكلام على عواهنه، وبين ‏خطورة الكلمة التي لا يلقي لها ‏المرء بالا، حيث قال -كما في صحيح ‏البخاري، وغيره-: وإن العبد ليتكلم ‏بالكلمة من سخط الله، لا يلقي لها ‏بالا، يهوي بها في جهنم.‏ وقال أيضا -عليه الصلاة والسلام-: ‏‏إن العبد ليتكلم بالكلمة، ما يتبين ما ‏فيها، يهوي بها في النار، أبعد ما ‏بين المشرق والمغرب. رواه مسلم.

 قال الإمام النووي في شرح هذا ‏الحديث الأخير: معناه لا يتدبرها، ‏ويفكر في قبحها، ولا يخاف ما ‏يترتب عليها، وهذا كالكلمة عند ‏السلطان، وغيره من الولاة، وكالكلمة ‏تقذف، أو معناه كالكلمة التي يترتب ‏عليها إضرار مسلم، ونحو ذلك. وهذا ‏كله حث على حفظ اللسان، كما قال ‏صلى الله عليه وسلم: من كان يؤمن ‏بالله، واليوم الآخر؛ فليقل خيرا، أو ‏ليصمت. وينبغي لمن أراد النطق ‏بكلمة، أو كلام، أن يتدبره في نفسه ‏قبل نطقه، فإن ظهرت مصلحته تكلم ‏وإلا أمسك. اهـ.‏

 وبناء على ما تقدم، فإنه على المرء ‏تجنب مثل تلك العبارات المشار ‏إليها في السؤال، إذ أقل ما يقال ‏عنها إن فيها سوء أدب مع ‏الله تعالى، ولا تليق أبدا بجنابه عز ‏وجل، خاصة العبارة ‏الأولى، والمغضب قد يقول: حل ‏عني، أو حل عن رأسي، ولا وجه ‏لذكر الله تعالى هنا، فالله أعظم من ‏أن يذكر في عبارة كهذه لتنفيس ‏الغضب.‏ إلا أنها -مع ذلك- ليست من العبارات ‏الكفرية، المخرجة من الملة؛ لأنه ‏ليس فيها سب، أو سخرية، أو ‏استهزاء بالذات الإلهية، أو بالدين -‏بحسب ما فهمنا منها- ومع ذلك ‏يتعين تجنبها لما قدمنا.‏

 وإذا كان ناقل الكفر، أو حاكيه ليس ‏بكافر، كما ذكرنا في الفتوى ‏رقم: 45316 فمن باب أولى أن ‏من حكى مثل تلك العبارات متعجبا، ‏ومستنكرا على من قالها، ليس كافرا ‏بحكايتها.‏

 أما سؤالك عن كون الردة تحبط أجر ‏جميع أعمال العبد السابقة عليها، ‏فالجواب أن في ذلك خلافا، فصلناه ‏في الفتوى رقم: 37185 فراجعها.‏ وراجع أيضا -لمزيد الفائدة- الفتاوى ‏التالية أرقامها: 36710 -129105 ‏‏-75396 -44549

والله أعلم.‏

www.islamweb.net