الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالذي فهمناه من سؤالك أنّك توعدت زوجتك بالطلاق إذا فعلت أمراً ما، ثم فعلته فغضبت فإن كان الحال هكذا، فإن وعدك بالطلاق لا يترتب عليه شيء، وأما تطليقك بعد ذلك فواقع، وغضبك حال التلفظ بالطلاق لا يمنع نفوذه ما دمت تلفظت به مدركاً غير مغلوب على عقلك، قال الرحيباني الحنبلي ـ رحمه الله ـ: وَيَقَعُ الطَّلَاقُ مِمَّنْ غَضِبَ وَلَمْ يَزُلْ عَقْلُهُ بِالْكُلِّيَّةِ؛ لِأَنَّهُ مُكَلَّفٌ فِي حَالِ غَضَبِهِ بِمَا يَصْدُرُ مِنْهُ مِنْ كُفْرٍ وَقَتْلِ نَفْسٍ وَأَخْذِ مَالٍ بِغَيْرِ حَقٍّ وَطَلَاقٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ " مطالب أولي النهى في شرح غاية المنتهى (5/ 322)
وما دمت تلفظت بالطلاق مرتين فقد وقعت الطلقتان، إلا إذا كنت تلفظت بالطلاق في المرة الثانية بنية التأكيد والإخبار بوقوع الطلقة الأولى ، فالراجح ـ والله أعلم ـ عدم وقوع الطلقة الثانية ـ فيما بينك وبين الله ـ قال الشربيني الشافعي ـ رحمه الله ـ: كَأَنْ قَالَ لِمَدْخُولٍ بِهَا أَنْتِ طَالِقٌ، أَنْتِ طَالِقٌ، أَنْتِ طَالِقٌ، وَتَخَلَّلَ فَصْلٌ فَثَلَاثٌ سَوَاءٌ أَقَصَدَ التَّأْكِيدَ أَمْ لَا؛ لِأَنَّهُ خِلَافُ الظَّاهِرِ، لَكِنْ إذَا قَالَ: قَصَدْت التَّأْكِيدَ فَإِنَّهُ يُدَيَّنُ. مغني المحتاج إلى معرفة معاني ألفاظ المنهاج (4/ 480) وعلى أية حال فإنك إذا لم تكن طلقتها ثلاثاً، فلك مراجعتها في العدة، ولمعرفة ما تحصل به الرجعة شرعا راجع الفتوى رقم: 54195، وهذا المفتى به هو مذهب الجمهور، وأما على قول بعض أهل العلم كشيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ فلم تقع إلا طلقة واحدة سواء وقعت الطلقتان متتابعتين أو منفصلتين ما دمت لم تراجعها بينهما؛ لأنّه يرى الطلاق المتتابع دون عقد أو رجعة طلقة واحدة، وراجع الفتوى رقم : 192961
والله أعلم.