الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فالواجب على الولد أن يبرّ أمّه، ويحسن إليها، ولا تجوز له قطيعتها، أو الإساءة إليها مهما كان حالها، فإنّ حقّ الأمّ على ولدها عظيم، وعقوقها من أكبر الكبائر الموبقات، وقد نهى الشرع عن هجران المسلم فوق ثلاث، و شدّد في ذلك كلما طال الهجر، فعن أبي خراش السلمي، أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من هجر أخاه سنة، فهو كسفك دمه. رواه البخاري في الأدب المفرد، فإذا كان ذلك مع عموم المسلمين، فكيف بهجر الأمّ التي هي أعظم الناس حقاً على ابنها!؟
واعلم أنّه لا تجب على الأمّ نفقة ولدها المكتسب، فضلاً عن نفقات الدراسة الجامعية، وما بعدها من الدراسات العليا، وانظر الفتوى رقم: 59707.
لكنّ بعض أهل العلم أوجبوا على الأمّ الموسرة تزويج ولدها المحتاج للزواج غير القادر على مؤنته عند فقد الأب، كما بيناه في الفتوى رقم: 179583.
فنصيحتنا للولد أن يتوب إلى الله مما وقع منه من قطيعة أمّه، وأن يجتهد في برها، والإحسان إليها، فإنّ برها من أسباب الفلاح في الدنيا والآخرة.
ونصيحتنا للأمّ أن تعين ولدها على الزواج، ولا تبخل عليه بما آتاها الله من المال، ولها على ذلك الأجر العظيم ـ إن شاء الله ـ فعن أَبِي هُرَيْرَةَ ـ رضي الله عنه ـ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ : دينار أنفقته في سبيل الله، ودينار أنفقته في رقبة، ودينار تصدقت به على مسكين، ودينار أنفقته على أهلك، أعظمها أجرًا الذي أنفقته على أهلك. رواه مسلم.
والله أعلم.