الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فكلا الطريقتين نعني الدعوة الجماعية والدعوة الفردية مهم، وقد كان أنبياء الله عليهم السلام يسلكون كلا الطريقين في دعوتهم الناس إلى الله تعالى كما قال نوح: ثُمَّ إِنِّي دَعَوْتُهُمْ جِهَارًا * ثُمَّ إِنِّي أَعْلَنْتُ لَهُمْ وَأَسْرَرْتُ لَهُمْ إِسْرَارًا {نوح: 8-9}، قال ابن كثير: ثُمَّ إِنِّي دَعَوْتُهُمْ جِهاراً أَيْ: جَهْرَةً بَيْنَ النَّاسِ، ثُمَّ إِنِّي أَعْلَنْتُ لَهُمْ، أَيْ: كَلَامًا ظَاهِرًا بِصَوْتٍ عَالٍ، وَأَسْرَرْتُ لَهُمْ إِسْراراً، أَيْ: فِيمَا بَيْنِي وَبَيْنَهُمْ، فنوع عَلَيْهِمُ الدَّعْوَةَ لِتَكُونَ أَنْجَعَ فِيهِمْ. انتهى.
والداعي إلى الله ينبغي أن يكون بصيرا بمن ينفعه هذا النوع، ومن ينفعه النوع الآخر، فمن الناس من يستجيب للدعوة العلنية العامة، ومنهم من تؤثر فيه الدعوة الفردية تأثيرا أكبر، ومن ثم فالذي ننصحكم به هو أن تستمروا في الطريقين كليهما، وأن تبذلوا وسعكم فيهما جميعا، ثم إن من كان من الدعاة أقدر على مخاطبة الجمهور والانتصاب للحديث مع الناس، فليفرغ للدعوة الجماعية، ومن كان منهم أقدر على الحديث مع الأشخاص في بيوتهم وأشغالهم بصورة فردية فليهتم بهذا النوع، فلا نرى تعارضا بين الطريقتين حتى تفضل إحداهما على الأخرى، بل كلاهما نافع ومهم، والناس محتاجون إلى كليهما، فمنهم من يتأثر بهذا، ومنهم من يتأثر بذاك.
ونسأل الله أن يعينكم على الدعوة إليه، ويوفقكم لما فيه رضاه.
والله أعلم.