الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فلا حرج على الأبناء في قبول تلك الودائع، وما دام أصل الوديعة مبينًا، والفوائد المضافة إليه مبينة، فلهم الانتفاع بأصل الوديعة، وأما الفوائد ففيها تفصيل، وهو أنها إذا كانت ربوية، فليس لهم الانتفاع بها، بل تدفع للفقراء والمساكين، أو تدفع في المصالح العامة للمسلمين، إلا إذا كان الأبناء فقراء، فلا حرج عليهم حينئذ في أخذها لأنفسهم، وقضاء دينهم منها، وإلا فلا، قال الإمام النووي حاكيًا قول الغزالي في المال الحرام: وله هو أن يأخذ منه قدر حاجته؛ لأنه أيضًا فقير. اهـ.
وأما لو كانت الودائع لدى بنك إسلامي، في حساب توفير، ونحوه من صور المضاربة الشرعية: فلا حرج حينئذ بالانتفاع بأرباح تلك الوديعة.
وأما الجهل بمصدر أصل الوديعة، وما يشتريه الأب من طعام، أو غيره، والخشية من أن يكون الأب اكتسب ذلك من حرام، فهذا لا يمنعكم من الانتفاع به، قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-: وإن كان مجهول الحال، فالمجهول كالمعدوم، والأصل فيما بيد المسلم أن يكون ملكًا له، إن ادعى أنه ملكه، فإذا لم أعلم حال ذلك المال الذي بيده، بنيت الأمر على الأصل، ثم إن كان ذلك الدرهم في نفس الأمر قد غصبه هو، ولم أعلم أنا، كنت جاهلًا بذلك، والمجهول كالمعدوم، لكن إن كان ذلك الرجل معروفًا بأن في ماله حرامًا، ترك معاملته ورعًا، وإن كان أكثر ماله حرامًا، ففيه نزاع بين العلماء.
ولمزيد من الفائدة انظر الفتوى رقم: 148163.
والله أعلم.