الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإلقاء السلام والمصافحة أمرٌ مرغب فيه شرعا، ولكن استثنى أهل العلم من عموم الأمر بالسلام عدة أحوال يكره فيها البدء بالسلام؛ لأنها تشغل من يُسَلَّمُ عليه عما هو فيه من الخير، منها السلام على التالي للقرآن، والمشتغل بالذكر والدعاء.
وقد بينا هذا في عدة فتاوى كالفتاوى: 104158، 193893، 49047.
والسلام والمصافحة بالصورة المذكورة في السؤال، لا شك أنها مشغلة للمصلين، ولا ينبغي رفع الصوت بالسلام في المسجد إن كان فيه تشويش على المصلين والذاكرين والداعين، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: أَلَا إِنَّ كُلَّكُمْ مُنَاجٍ رَبَّهُ، فَلَا يُؤْذِيَنَّ بَعْضُكُمْ بَعْضًا، وَلَا يَرْفَعْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ فِي الْقِرَاءَةِ، أَوْ قَالَ: فِي الصَّلَاةِ. رواه أحمد وأبو داود.
كما أن المشروع عقب السلام أن يشتغل المصلي بمعقبات الصلاة، فلا يُشغَل بالمصافحة، ولا يُشْغِلُ هو غيرَه بها.
وَسُئِلَ شيخُ الإِسلامِ ابنُ تيمية عَن الْمُصَافَحَةِ عَقِيبَ الصَّلَاةِ: هَلْ هِيَ سُنَّةٌ أَمْ لَا؟
فَأَجَابَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ، الْمُصَافَحَةُ عَقِيبَ الصَّلَاةِ لَيْسَتْ مَسْنُونَةً؛ بَلْ هِيَ بِدْعَةٌ. اهــ كما في مجموع الفتاوى.
وأيضا ليس من السنة إشغال المصلين بالمصافحة وهم قيام في الصف يستعدون للدخول في الصلاة واستحضار النية، والخير كله في الاتباع.
والله أعلم.