مسؤولية الابن عن أخته المتبرّجة إذا كان نصحها يغضب والديه

24-12-2020 | إسلام ويب

السؤال:
أود من فضيلتكم إرشادي في أمري، فأنا في مشقة بين نصح أهلي، وعدم إغضابهم بنصحي، فلي أخت عمرها 25 سنة، تلبس لبسًا غير شرعي يصف جسدها -مثل البنطال الجينز، وبعض التيشيرتات القصيرة، والطرحة الصغيرة-، ولا تظهر رقبتها، أو شعرها، ولكن ملابسها ضيقة، وأحيانًا تكون قصيرة لا تجوز، وقد تكون لافتة للأنظار أحيانًا أخرى.
وكلما نصحتها أن تعدل لبسها، وأن ترتدي لباسًا شرعيًّا، يرضاه الله ورسوله؛ ترفض أن تستمع لي، وتنهرني أمّي، وتستاء مني، وتوبّخني، وتبكي، وتخبرها أنها على حق في لبسها، وأنها كبيرة تعرف الحلال والحرام، وأن لبسها ليس فيه شيء، بل إن والدتي قد ترضى أن تنزل بلباس قد يظهر جزءًا من جسدها، ووالدي يتخذ موقف أمّي، ويغضبون مني إذا نصحتها، أو أخبرتها أن تتقي الله في لبسها، فهل أستمر في نصح أختي، أم أتوقف عن نصحها؛ لأن ذلك يغضب والدي ووالدتي، ويعد ذلك عقوقًا لهما -وأنا أخشى أن أعقهما بأي تصرف-؟ علمًا أني قد توقفت عن النزول معها إذا ارتدت تلك الملابس، إلا إذا خفت عليها أن يتعرض لها أحد بسببها، كوسيلة لإظهار عدم موافقتي على لبسها؛ كي لا أكون معاونًا لها على الإثم، فماذا أفعل؟ وقد شرحت لهم اللباس الشرعي، وهيئته، وذكرت الآيات، والأحاديث، وآراء المذاهب فيه، ولكنهم يخبروني أن ذلك لا يمُتّ بصلة لواقعنا، ولا يلزم تطبيقه في مجتمعنا، وأن لبسها محتشم، فأفيدوني -أفادكم الله، ونفعكم، ونفع بكم، وأعلى قدركم، وزادكم من علمه-.

الإجابــة:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

 فلا يجوز لأختك أن تلبس مثل هذا اللباس الذي يصف، أو يشف، ولو أمام محارمها، بل لا يجوز لها لبسه أمام مثيلاتها من النساء، وسبق أن بينا ذلك في الفتوى: 320554

وإذا كانت تخرج به من البيت؛ فالأمر أعظم، والإثم أشد، والفتنة أعظم، ولمزيد الفائدة، تراجع الفتوى: 26387، ففيها بيان ما ورد من الوعيد في حق المتبرجة.

 وقد أحسنت بنصحك لأختك، وبيان الحق لها.

ولا بأس أن تستمرّ في نصحها، ما رجوت أن تنفعها النصيحة، فقد قال تعالى: فَذَكِّرْ إِنْ نَفَعَتِ الذِّكْرَى {الأعلى:9}، قال السعدي في تفسيره: فذكِّر بشرع الله وآياته، إن نفعت الذكرى، أي: ما دامت الذكرى مقبولة، والموعظة مسموعة -سواء حصل من الذكرى جميع المقصود أو بعضه-، ومفهوم الآية: أنه إن لم تنفع الذكرى -بأن كان التذكير يزيد في الشر، أو ينقص من الخير-، لم تكن الذكرى مأمورًا بها، بل منهيًّا عنها. اهـ.

وينبغي أن تتحيّن الأوقات المناسبة.

وإذا غضب والداك، فاسكت؛ حتى تجد فرصة أخرى مناسبة للكلام مع أختك.

  وإن كان الكلام معها لا يزيدها إلا عنادًا، وليس له من الثمرة إلا غضب الوالدين؛ فاتركه.

وأكثِرْ من الدعاء لأختك بالهداية إلى الصراط المستقيم.

وإن رجوت أن ينفعها الهجر، فاهجرها، وإلا فاترك الهجر، واعمل على تأليف قلبها، ومحاولة التأثير عليها، وانظر الفتوى: 21837.

وينبغي أن تذكّر والديك بأسلوب طيب بالمسؤولية عن هذه البنت، وأنها أمانة عندهما، وخاصة أباك، فإنه وليّها، فعليه الحزم معها، قال تعالى: يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ {النساء:11}، قال السعدي: أي: أولادكم -يا معشر الوالدين- عندكم ودائع، قد وصاكم الله عليهم؛ لتقوموا بمصالحهم الدينية والدنيوية، فتعلمونهم، وتؤدبونهم، وتكفونهم عن المفاسد، وتأمرونهم بطاعة الله، وملازمة التقوى على الدوام، كما قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ. فالأولاد عند والديهم موصى بهم، فإما أن يقوموا بتلك الوصية، وإما أن يضيعوها، فيستحقوا بذلك الوعيد والعقاب. اهـ.

والله أعلم.

www.islamweb.net