ضمان المستثمِر الخسارة في أموال الوقف

14-3-2021 | إسلام ويب

السؤال:
شخص أخذ مالًا -ريع وقف مخصص لخدمة القرآن الكريم- ليُثمّره، وتاجر به في الأراضي، وزاد مال الوقف من 75 ألفًا حتى وصل 109 ألف نهاية عام 2017، ثم حصل ركود في البيع حتى الآن، وبعد مرور أكثر من ثلاث سنوات لم يستطع بيع الأرض، وقد نزلت قيمة الأرض 30%، والأخ لم يرجع لناظر الوقف ليعلمه أن هذا الهبوط نتيجة الركود، ولم يخيره بين بيع الأرض أو الانتظار، خصوصًا أن الركود حصل تدريجيًّا، ولم يحدث فجأة، فماذا يجب على الأخ المثمِّر لمال الوقف؟ وهل يجب عليه تسبيل أصوله الأخرى؟ وماذا عن تقصيره؟ وماذا على ناظر الوقف؟ ومنذ أن سلَّمه ناظر الوقف الـ 75 ألفا في نهاية 2016 لم يستلم منه شيئًا. جزاكم الله خيرًا.

الإجابــة:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

 فيجوز استثمار الفائض من رَيع الوقف؛ وفق ما جاء في قرار مجلس مجمع الفقه الإسلامي الدولي المنبثق عن منظمة المؤتمر الإسلامي المنعقد في دورته الخامسة عشرة، ومما تضمنه حول استثمار أموال الوقف:

1. يقصد باستثمار أموال الوقف: تنمية الأموال الوقفية -سواء أكانت أصولًا، أم ريعًا- بوسائل استثمارية مباحة شرعًا.

2. يتعيّن المحافظة على الموقوف بما يحقق بقاء عينه، ودوام نفعه.

3. يجب استثمار الأصول الوقفية؛ سواء أكانت عقارات، أم منقولات، ما لم تكن موقوفة للانتفاع المباشر بأعيانها.

4. يعمل بشرط الواقف إذا اشترط تنمية أصل الوقف بجزء من ريعه، ولا يعدّ ذلك منافيًا لمقتضى الوقف، ويعمل بشرطه كذلك إذا اشترط صرف جميع الريع في مصارفه، فلا يؤخذ منه شيء لتنمية الأصل.

5. الأصل عدم جواز استثمار جزء من الريع إذا أَطلق الواقف، ولم يشترط استثماره، إلا بموافقة المستحقين في الوقف الذُّري.

أما في الوقف الخيري، فيجوز استثمار جزء من ريعه في تنمية الأصل للمصلحة الراجحة، بالضوابط المنصوص عليها لاحقًا.

6. يجوز استثمار الفائض من الريع في تنمية الأصل، أو في تنمية الريع؛ وذلك بعد توزيع الريع على المستحقين، وحسم النفقات والمخصصات، كما يجوز استثمار الأموال المتجمعة من الريع التي تأخر صرفها.

7. يجوز استثمار المخصصات المتجمعة من الريع للصيانة، وإعادة الإعمار، ولغيرها من الأغراض المشروعة الأخرى.

8. لا مانع شرعًا من استثمار أموال الأوقاف المختلفة في وعاء استثماري واحد، بما لا يخالف شرط الواقف، على أن يحافظ على الذمم المستحقة للأوقاف عليها.

9. يجب عند استثمار أموال الوقف مراعاة الضوابط الآتية:

أ‌- أن تكون صيغ الاستثمار مشروعة، وفي مجال مشروع.

ب‌- مراعاة تنوع مجالات الاستثمار؛ لتقليل المخاطر، وأخذ الضمانات والكفالات، وتوثيق العقود، والقيام بدراسات الجدوى الاقتصادية اللازمة للمشروعات الاستثمارية.

ج‌- اختيار وسائل الاستثمار الأكثر أمانًا، وتجنب الاستثمارات ذات المخاطر العالية بما يقتضيه العرف التجاري والاستثماري.

د‌- ينبغي استثمار أموال الوقف بالصيغ المشروعة الملائمة لنوع المال الموقوف، بما يحقق مصلحة الوقف، وبما يحافظ على الأصل الموقوف، ومصالح الموقوف عليهم.

وعلى هذا؛ فإذا كانت الأصول الموقوفة أعيانًا، فإن استثمارها يكون بما لا يؤدي إلى زوال ملكيتها.

وإن كانت نقودًا، فيمكن أن تستثمر بجميع وسائل الاستثمار المشروعة، كالمضاربة، والمرابحة، والاستصناع.. إلخ.

ه‌- الإفصاح دوريًّا عن عمليات الاستثمار، ونشر المعلومات، والإعلان عنها، حسب الأعراف الجارية في هذا الشأن... انتهى.

وعليه؛ فإن كان الاستثمار تم وفق هذه الضوابط؛ فلا حرج فيه.

والعامل في تنمية المال والمضارب فيه مؤتمن، ولا يضمن ما لم يكن حصل منه تَعَدٍّ، أو تفريط، فينظر هل حصل منه شيء من ذلك، فيضمن، أو لا، فلا ضمان عليه. 

ولكون هذه المسألة شائكة لتعلّقها بمال الوقف، فينبغي طرحها على الجهات المختصة في النظر في هذه القضايا، والفصل فيها، وإلَّا، فينبغي مشافهة أهل العلم بها.

والله أعلم.

www.islamweb.net