الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فأولاً نسأل الله لهذه الأخت الكريمة أن يكشف كربها، وييسر أمرها، وأن يهدي زوجها هذا للقيام بحقوقها الواجبة عليه.
وأما ما سألت عنه، فلا ريب أنه يجب على زوجك أن ينفق عليك وعلى ابنته منك، لقوله صلى الله عليه وسلم: ولهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف. رواه مسلم.
ولقوله جل وعلا: وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ [البقرة: من الآية233]، والنفقة تجب للزوجة على زوجها بمجرد أن تمكنه من نفسها سواء استمتع بها أم لا، كما يجب على الزوج أن يطأ زوجته بالمعروف بقدر كفايتها ما لم يضره في بدنه أو في معيشته من غير تقدير لمدة، كما هو قول شيخ الإسلام ابن تيمية، وذهب الحنابلة إلى أنه يجب عليه الوطء في كل أربعة أشهر مرة، أيضاً لا يجوز له الغيبة عنها مدة تضرها بدون عذر، قال ابن قدامة في الكافي: فإن غاب عنها أكثر من ستة أشهر فطلبت قدومه لزمه ذلك إن لم يكن عذر، فإن أبى وطلبت الفرقة فرق بينهما. اهـ.
وذكر أيضاً قولاً في مذهبهم: أن للمرأة الفسخ بالغيبة المضرة بها، ولو لم يكن الزوج مفقوداً كما لو كوتب فلم يحضر بلا عذر. اهـ
وعليه؛ فتعلل زوجك عن عدم المجيء إليك بأنه يكره السفر الطويل، أو احتجاجه بقول الله تعالى: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ (التغابن: من الآية16)، ليس عذراً له، بل تقوى الله في أداء حقوق الناس، وعلى رأسهم الزوجة، كما أن تظلمك من هذا الوضع جائز وسائغ، ولا محذور منه، ولقد كانت النسوة يأتين إلى الرسول صلى الله عليه وسلم فيشكين أزواجهن فلا يُزجرن ولا ينهين عن ذلك، بل سجل الله شكوى إحداهن في القرآن الكريم، فهي تتلى إلى يوم القيامة، كما قال تعالى: قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ(المجادلة: من الآية1)، المقصود أن لك أن تطالبي بحقك كاملاً من زوجك هذا، ومن هذه الحقوق حقك في الإنجاب، فلا يجوز لزوجك منعك منه، وراجعي في هذا الحق الفتوى: 31369.
وإن رأيت أن تتنازلي عن هذه الحقوق وتتربصي بزوجك عسى أن يهديه الله ويؤدي ما عليه من الحقوق، فلك هذا، ونسأل الله أن يعينك ويصبرك.
وأما زوجك، فعليه أن يتقي الله ويعلم أنه مذنب في حقك وحق ابنته، ويجب عليه أن يعطيكما حقكما الذي أمر الله به، قبل أن يقبل على الله وهو مضيع لهذه الحقوق ولات ساعة مندم.
والله أعلم.