حكم إرجاع الزوجة المطلقة سرا بدون علم الأم لتجنب المشاكل

22-9-2021 | إسلام ويب

السؤال:
بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة على أشرف المرسلين.
وبعد:
أنا شاب من المغرب. كنت متزوجا، ولدي بنت عمرها خمس سنوات. ووقع الطلاق بيني وبين زوجتي بسبب بعض المشاكل، أهمها: أن زوجتي كانت قد عانت من بعض المشاكل الصحية. وعند عرضها على الرقية الشرعية، تبين أنها مصابة بمس، وقد أرجعت هي سبب ذلك إلى عمل سحر. لكن المشكلة أنها قالت إن من عمل ذلك لها هي أمي، فرفضت ذلك تماما، وطالبتها بالرجوع عن شكها، وأن تجتنب سوء الظن. لكنها ظلت متمسكة بظنها وشكها في أن والدتي عملت لها سحرا، من أجل تفرقتنا. فنشبت العديد من المشاكل بيني وبين زوجتي بسبب ذلك، حيث لم أقبل مطلقا اتهام أمي. وقررت زوجتي حينها أنها لن تزور أمي في بيتها أبدا، وكذلك أنها لن تسمح لابنتي بزيارة أمي، وقطعت علاقتها بعائلتي بشكل كلي. فكان هذا سبب الطلاق بعد أربع سنوات من الزواج؛ لأني اعتبرت ذلك قطيعة لصلة الرحم، وعقوقا من جانبي تجاه أمي، رغم أن زوجتي كانت تقول لي إنها لن تقف حاجزا بيني وبين أمي، بحيث لم تكن تعترض على زيارتي لأهلي وأمي في أي وقت كلما شئت، ومتى شئت. إلا أنني لم أتقبل اتهام أمي بالسحر، وكنت أخبر زوجتي أن السحر وإن وُجد لا يمكننا معرفة الفاعل، إلا أنها ظلت تتهم أمي. واعتبرت أن الاستمرار في الزواج مع امرأة تتهم أمي، يجعلني كأني أقبل الاتهام الموجه لها، وبالتالي أكون عاقا، والعياذ بالله.
حدث الطلاق، وبعد سنة ونصف على الطلاق، حدث نوع من التواصل بيننا، وأردنا الزواج مرة أخرى، وخاصة من أجل مصلحة ابنتنا. لكن تشترط طليقتي إبقاء أمر الزواج سرا عن أهلي، وحتى إن أخبرت أمي وأهلي عن زواجنا، فإن شرطها الوحيد أنها لن تذهب لزيارة أمي أبدا، ولن تقيم أي نوع من التواصل معها، وحتى ابنتي لا تريدها أن تذهب لزيارة أمي. وسبب كل هذا هو أنها تظن أنها إن ذهبت لزيارة أمي في بيتها فسيقومون بعمل السحر لها، كما قاموا بعمله لها في المرة الأولى عند زيارة بيت والدتي، حسب ظنها هي.
سؤالي: هل يجوز لي إرجاع هذه السيدة إلى ذمتي، وإبقاء الزواج سرا، وأترك كل واحدة في حال سبيلها، حتى لا تكون هناك مشاكل، مع العلم أني اشترطت زيارة أمي قدر ما أشاء ووقت ما أشاء، وأن أقضي الأعياد الدينية مع أمي، وقد وافقت على كل هذا؟
هل هناك أي نوع من العقوق من طرفي تجاه والدتي إن قمت بعدم إخبارها؟
أفتوني -جزاكم الله خيرا-؛ فإني في حيرة كبيرة من أمري.

الإجابــة:

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

 فإن كانت أمك تنهاك عن إرجاع زوجتك، فالذي يظهر لنا -والله أعلم- أنه لا ينبغي لك إرجاعها بدون علمها ورضاها؛ فقد تعلم أمك يوما ما بأمر رجعتك لها، فتدخل عليها الحزن، وتتجدد المشكلة، وتطلب منك تطليقها مرة أخرى، فتعيش في مشكلة دائمة. هذا، بالإضافة إلى أنه إذا صح ما ذكرت من كون زوجتك تتهم أمك بعمل السحر، ولم يكن لزوجتك بينة في ذلك، فقد تتأذى أمك إن بلغها هذا الاتهام. وعلى كل، إن أمكنك إقناع أمك برجعتها فذاك، وإلا فدعها وتزوج من غيرها.

 وإن ارتضت أمك إرجاعك لها، فنوصيك بألا تترك الحال بينهما على قطيعة وخصام، بل تحر الحكمة، واعمل على مناصحة زوجتك بأسلوب طيب، واعمل على الإصلاح، فقد ندب الشرع إلى الإصلاح بين المتخاصمين، وبيَّن أنه قربة عظيمة، كما سبق بيانه في الفتوى: 50300.

 ويمكنك الاستعانة في أمر الإصلاح ببعض أهل الخير، ممن ترجو أن تسمع زوجتك لقولهم، وتستجيب لنصحهم.

وننبه إلى أمور:

الأمر الأول: لا يجوز إساءة الظن بالآخرين بما يشين من غير بينة، وقد نهى الشرع عن سوء الظن، قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ {الحجرات:12}. فالواجب حسن الظن، والأصل براءة الذمة حتى يثبت العكس.

الأمر الثاني: أن عليك أن تبر بأمك، وتتعاهد زيارتها متى ما أمكن ذلك، وليس لأي أحد أن يتدخل في ذلك، أو يملي عليك شروطا في ذلك.

وليكن حاضرا في ذهنك أن الشرع قد جعل القوامة للزوج على زوجته، وليس العكس، كما قال الله سبحانه: الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ{النساء:34}.

 الأمر الثالث: ينبغي لكما أن تتحريا الحكمة، وتجتهدا في تربية ابنتكما على الخير والفضيلة، سواء تيسر اجتماع شمل الأسرة أم استمر الفراق، هذا مع الدعاء بأن يجعلها الله -تعالى- قرة عين لكما.

والله أعلم.

www.islamweb.net