استمرار المرأة في العمل في مكان مختلط يحصل فيه تلامس أحيانًا دون قصد

31-1-2022 | إسلام ويب

السؤال:
لديَّ سؤال بخصوص العمل المختلط، وأريد أن أعرف ماذا عليَّ فعله، إذا كانت ظروفي لن تسمح بتبديله؟ فهذه هي السنة الأولى التي أعمل فيها؛ نظرًا لظروف طارئة، فقد انتقلنا من منزلنا إلى شقة إيجار، وإمكانيات والدي بسيطة؛ لذلك ذهبت للعمل في صيدلية لأغطي مصاريف دراستي، فهي آخر سنة لي، والأمر الذي يزعجني هو حدوث ملامسات بالخطأ؛ لأنه طبيب تعوّد مع مرضاه، أو من كانوا قبلي على أنه من الطبيعي إن أشار إليهم بكوعه في أيديهم، أو وضع يده على رؤوسهم، فأنا أعمل في ذلك المكان مع فتاة أخرى، وطبيب من أهل الكتاب، ومساعد آخر.
أنا لم أجد أيّ مكان آخر غيره، فهو قريب من منزلي، وأبي هو من يأخذني بعد انتهاء دوامي، فأنا أعمل مساء بعد وقت دراستي، ولا أجد بديلًا.
أنا الآن في صراع بين التوقّف عن العمل -ولن أتعرّض لكل ذلك، بالإضافة إلى أني أصبحت مقصّرة في عبادتي، إلا أني أحاول علَّني أصل إلى طريق الصالحين-، وبين عائلتي؛ فأنا لا أريد أن أحمّلهم فوق طاقاتهم، فأمّي أيضًا تعمل في حضانة منذ أن كان عمري 12 سنة، وقد عانت الكثير، وعمر أخي 16 عامًا، ويعمل أيضًا ويفي بمصاريفه، وأنا أدفع مصاريف الجامعة، وآخذ من أبي ثمن المواصلات.
نحن سبعة أفراد، وكل منا لديه احتياجاته -من كتب، ودروس، ومصروفات-، والحال مستورة -والحمد لله-، وأخبرت عائلتي، والأمر بالنسبة لهم ليس بذي أهمية كبيرة؛ فهم يقولون: هو طبيب، ولا يقصد، وهذا يحدث في كل مكان، لكني لست راضية عن نفسي، ولا أريد إلا رضا ربي، وهو يعلم ما أنا فيه، وما جعلني أضطر لذلك.
أنا لم أقل كل شيء، بل هذا مختصر بسيط، فماذا عليّ فعله، فإثمي كبير، وبات كل شيء حولي يعجزني؟ وشكرًا لكم.

الإجابــة:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

 فالأصل في عمل المرأة أن يكون في مكان لا يختلط فيه الرجال بالنساء؛ فالواقع شاهد بمفاسد هذا الاختلاط، وما ترتب عليه من بلايا، ومصائب.

وإذا احتاجت المرأة إلى العمل في مكان تخالط فيه الرجال؛ فعليها أن تقف عند حدود الله تعالى، وتراعي ضوابط الشرع في معاملة الرجال الأجانب؛ فعليها اجتناب الخلوة، والاختلاط المريب، والاقتصار في التعامل معهم على قدر الحاجة.

أمّا الاختلاط الذي يحصل فيه تلامس، واحتكاك بالأبدان -كما هو الحال في عمل السائلة-؛ فهذا لا ريب في تحريمه، إذا لم يمكنها أن تتحرّز من ذلك التلامس، والاحتكاك، كأن تطلبي ممن يريد لمسّ يدك، أو رأسك -بقصد أو بغيره-، أن يكفّ عن ذلك؛ لحرمته في دِينك، سواء أكان الطبيب مسلمًا أو غير مسلم؛ شابًّا، أم غير شاب؛ فدِينك يحرّم عليك أن يلمسك رجل أجنبي عنك؛ فبيني لهم ذلك.

وهذا من جملة الدعوة إلى الخير، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، وانظري الفتوى: 386785.

وإذا لم يمكنك مراعاة الضوابط الشرعية في الكلام، واللباس، والخلوة، واللمس، وغير ذلك في هذا العمل؛ فلا يجوز لك البقاء فيه، ولا يسوغ لك التهاون في هذا الأمر؛ فالمحافظة على سلامة الدِّين والعفّة لا يصحّ التهاون فيها.

ومن كان حريصًا على مرضاة الله، واجتناب سخطه، وكان متوكلًا على الله؛ فسوف يرزقه رزقًا طيبًا، ويكفيه ما أهمّه، قال تعالى: وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ فَهُوَ حَسْبُهُ {الطلاق:2ـ3}.

والله أعلم.

www.islamweb.net