الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فالأصل في الحياة الزوجية أن تقوم على المودة والرحمة بين الزوجين، كما قال تعالى: وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ {الروم:21}، وقد أحسنت فيما ذكرت من حرصك على اجتناب ما يغضب زوجك ومحبتك له.
والأصل أيضا أن تجيبي زوجك كلما دعاك للفراش، ولا يجوز لك الامتناع عن إجابته إلا لعذر شرعي، وسبق بيان بعض الأعذار التي تبيح للزوجة عدم إجابته، فيمكنك مطالعة الفتوى: 242884، وبينا فيها أن من مسوغات الامتناع تضرر الزوجة في بدنها. فإن كنت تتضررين ضررا حقيقيا من الجماع، فلا تأثمين بعدم إجابتك زوجك.
ونوصي بمواصلة التفاهم مع زوجك بالتقليل من الجماع، ونرجو أن تكون حالتك الصحية محل اعتبار عنده، ولا يكلفك ما لا تستطيعين. وينبغي أن تصطلحا على قدر مناسب تراعى فيه حال كل منكما.
قال المرداوي: قَالَ أَبُو حَفْصٍ، وَالْقَاضِي: إذَا زَادَ الرَّجُلُ عَلَى الْمَرْأَةِ فِي الْجِمَاعِ، صُولِحَ عَلَى شَيْءٍ مِنْهُ، وَرَوَى بِإِسْنَادِهِ عَن ابْنِ الزُّبَيْرِ: أَنَّهُ جَعَلَ لِرَجُلٍ أَرْبَعًا بِاللَّيْلِ، وَأَرْبَعًا بِالنَّهَارِ، وَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-: أَنَّهُ صَالَحَ رَجُلًا اسْتَعْدَى عَلَى امْرَأَةٍ عَلَى سِتَّةٍ، قَالَ الْقَاضِي: لِأَنَّهُ غَيْرُ مُقَدَّرٍ، فَقُدِّرَ، كَمَا أَنَّ النَّفَقَةَ حَقٌّ لَهَا غَيْرُ مُقَدَّرَةٍ، فَيَرْجِعَانِ فِي التَّقْدِيرِ إلَى اجْتِهَادِ الْحَاكِمِ، قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: فَإِنْ تَنَازَعَا فَيَنْبَغِي أَنْ يَفْرِضَهُ الْحَاكِمُ، كَالنَّفَقَةِ، وَكَوَطْئِهِ إذَا زَادَ. اهـ.
ولا بأس بالاستمرار في محاولة إقناعه بالزواج من أخرى، والاستعانة عليه بالله -عز وجل- أولًا، ثم بمن ترجين أن يكون قوله مقبولا عنده.
والله أعلم.