الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فما ذكر في السؤال مجرد احتمال لا يكفي لمنع الانتفاع بذلك الغرض، فدفع الوالد للمبلغ قد يكون هو الطريق المتعين للحصول على الحق، وحينئذ؛ فالإثم على الآخذ دون المعطي.
كما يحتمل أن يكون رشوة محرمة يأثم بها الآخذ والمعطي، إذا حصل بها المعطي على ما لا يستحقه.
وهكذا فهي احتمالات كثيرة ينبني الحكم فيهاعلى سبب الدفع والغرض منه ولمزيد من الفائدة انظري الفتويين: 2487 - 268855.
فإذا تقرر هذا: فاعلمي- بارك الله فيك- أن مجرد إعطاء والدك مبلغًا للضابط، لا يستلزم تحريم الغرض على والدك، ما دام الغرض حقًّا له. وبالتالي لا إشكال في أن ترثيه عنه.
وكذلك شكك واشتباهك في إباحة الغرض لوالدك، لا يوجب تحريمه على الورثة.
وإنما لو تيقنت أن هذا الغرض لا يملكه والدك، ولا يحل له بوجه شرعي، فحينئذ لا يحل لك، ولا لبقية الورثة أخذ الغرض، ولا ثمنه، بل يجب التخلص منه.
قال الغزالي في إحياء علوم الدين: من ورث مالا ولم يدر أن مورثه من أين اكتسبه أمن حلال أم من حرام؟ ولم يكن ثم علامة فهو حلال باتفاق العلماء. وإن علم أن فيه حراما وشك في قدره، أخرج مقدار الحرام بالتحري. فإن لم يعلم ذلك، ولكن علم أن مورثه كان يتولى أعمالا للسلاطين، واحتمل أنه لم يكن أخذ في عمله شيئا، أو كان قد أخذ ولم يبق في يده منه شيء لطول المدة. فهذه شبهة يحسن التورع عنها، ولا يجب. وإن علم أن بعض ماله كان من الظلم، فيلزمه إخراج ذلك القدر بالاجتهاد ... نعم إذا لم يتيقن يجوز أن يقال هو غير مأخوذ بما لا يدري، فيطيب لوارث لا يدري أن فيه حراما يقينا. اهـ.
والله أعلم.