جواز بيع الكتب الموقوفة للمصلحة

15-6-2023 | إسلام ويب

السؤال:
اشتريت كتبا من مكتبة، وكان منها: التفسير الميسر، ووجدت داخله ختم وقف المسجد النبوي، والمكتبة ترفض الإرجاع، ويقولون إن الكتب بيعت لهم من مسجد في دولتنا، لمصلحة المسجد، بحسب فتوى بعض المشايخ، فماذا ينبغي علي فعله؟ وهل أحتفظ به وأقرأ فيه؟ أم لا يجوز ذلك، علما بأنني من دولة أخرى؟

الإجابــة:

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإذا كان القائمون على المسجد باعوا الكتب لمصلحة المسجد استنادا لفتوى بعض المشايخ، فلا حرج عليك في الاحتفاظ بالكتب ومطالعتها، ويحسن إعارتها لمن يستفيد منها، وبيع الوقف للمصلحة جوزه جمع من أهل العلم، ورجح جوازه شيخ الاسلام ابن تيمية، واحتج بما روى الخلال: أن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- كتب إلى سعد لما بلغه أنه قد نقب بيت المال بالكوفة: أن انقل المسجد الذي بالتمارين، واجعل بيت المال في قبلة المسجد، فإنه لن يزال في المسجد مصل، وكان هذا بمشهد من الصحابة، ولم يظهر خلافه.

قال الرحيباني في مطالب أولي النهى في شرح غاية المنتهى -4/ 367: وقال الشيخ تقي الدين: إذا كان يجوز في المسجد الموقوف الذي يوقف للانتفاع بعينه -وعينه محترمة شرعا- يجوز أن يبدل به غيره للمصلحة، لكون البدل أنفع وأصلح، وإن لم تتعطل منفعته بالكلية، ويعود الأول طلقا مع أنه مع متعطل نفعه بالكلية، فلأن يجوز الإبدال بالأنفع والأصلح فيما يوقف للاستغلال أولى وأحرى، فإنه عند أحمد يجوز ما يوقف للاستغلال للحاجة قولا واحدا، وفي بيع المسجد روايتان، فإذا جوز على ظاهر مذهبه أن يجعل المسجد طلقا ويوقف بدله أصلح منه، وإن لم تتعطل منفعة الأول، أحرى، فإن بيع الوقف المستغل أولى من بيع المسجد، وإبداله أولى من إبدال المسجد؛ لأن المسجد تحترم عينه شرعا، ويقصد للانتفاع بعينه؛ فلا تجوز إجارته ولا المعاوضة عن منفعته، بخلاف وقف الاستغلال؛ فإنه تجوز إجارته والمعاوضة عن نفعه... وقال: يجب بيع الوقف مع الحاجة بالمثل، وبلا حاجة يجوز بخير منه للمصلحة، ولا يجوز بمثله لفوات التغيير بلا حاجة، وذكره وجها في المناقلة، وأومأ إليه الإمام أحمد، وقال شهاب الدين بن قدامة في كتابه المناقلة في الأوقاف واقعة، نقل مسجد الكوفة، وجعل بيت المال في قبلته، وجعل موضع المسجد سوقا للتمارين اشتهرت بالحجاز والعراق، والصحابة متوافرون، ولم ينقل إنكارها، ولا الاعتراض فيها من أحد منهم، بل عمر هو الخليفة الآمر، وابن مسعود هو المأمور الناقل، فدل هذا على مساغ القصة، والإقرار عليها، والرضى بموجبها، وهذه حقيقة الاستبدال والمناقلة، وهذا كما أنه يدل على مساغ بيع الوقف عند تعطل نفعه؛ فهو دليل أيضا على جواز الاستدلال عند رجحان المبادلة، ولأن هذا المسجد لم يكن متعطلا، وإنما ظهرت المصلحة في نقله لحراسة بيت المال الذي جعل في قبلة المسجد الثاني. انتهى.

والله أعلم.

www.islamweb.net