الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالمحافظة على الطعام وشكر نعمته، فقد روى مسلم في صحيحه عَنْ أَنَسٍ : أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم « كَانَ إِذَا أَكَلَ طَعَامًا لَعِقَ أَصَابِعَهُ الثَّلَاثَ، قَالَ: وَقَالَ: إِذَا سَقَطَتْ لُقْمَةُ أَحَدِكُمْ فَلْيُمِطْ عَنْهَا الْأَذَى وَلْيَأْكُلْهَا، وَلَا يَدَعْهَا لِلشَّيْطَانِ. وَأَمَرَنَا أَنْ نَسْلُتَ الْقَصْعَةَ، قَالَ: فَإِنَّكُمْ لَا تَدْرُونَ فِي أَيِّ طَعَامِكُمُ الْبَرَكَةُ .»
وأما كون أكل ما سقط من الطعام يقي من الفقر فلم نقف على نص صريح بذلك، ولكنه دليل على المحافظة على نعمة الطعام وعدم تضييعها والاهتمام بها وشكرها، وقد أمر الله تبارك وتعالى بشكر نعمته بعد الأمر بالأكل من رزقه، فقال تعالى: كُلُوا مِن رِّزْقِ رَبِّكُمْ وَاشْكُرُوا لَهُ بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ {سبأ:15}، وأخبرنا في آية أخرى أنه يزيد في نعمه من شكره عليها، فقال تعالى: لَئِن شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ {إبراهيم:7}، وشكر النعمة يكون بصرفها فيما يرضي الله تعالى وفيما خلقها له، وأما كفرانها فهو تضييعها وتبذيرها أو صرفها في معصية الله تعالى.
وقد ذهب بعض أهل العلم إلى وجوب أكل الساقط من الطعام ما لم تصبه نجاسة أو يكون فيه ضرر، وللمزيد من الفائدة عن آداب الطعام وأقوال أهل العلم فيه نرجو الاطلاع على الفتويين: 16952، 58916.
والله أعلم.