حكم الوصية للكنائس ومستشفيات الكلاب

20-11-2006 | إسلام ويب

السؤال:
رجل خدم امرأة لمدة ثلاثين عاما وقبل وفاتها طلبت منه الزواج لكي تورثه مالها وزوجته على علم، ولكنه رفض للشعور بالحرمة لهذا، وهذه السيدة تعيش فى أمريكا منذ أربعين عاما وعندما كانت تأتي مصر كان يقوم بخدمتها، بعد وفاتها أوصت له بمبلغ وأوصت بباقي أموالها لمستشفيات الكلاب والكنائس بأمريكا مع العلم بأنها مسلمة وكان لهذا الرجل الفضل في دفنها على الشريعة الإسلامية بأمريكا، والسؤال: الآن هذه المتوفاة تملك شقة بمصر بمبلغ يتجاوز المليون ومن المفترض أن يأخذ الرجل نصيبه منها ويرسل باقي المبلغ لأمريكا، لكي توزع على مستشفيات الكلاب والكنائس، الكثير يقولون إن عليه أن يبيع الشقة ويأخذ الأموال ويقيم بها مشروعات خيرية ببلده أو أن يقوم ببيع الشقة بتاريخ قبل الوفاة ويأخذ نصيبه ويتبرع بالباقي في أعمال الخير، مع العلم بأنه رجل صالح ويراعي الله فى كل أموره، ومنذ أكثر من 7 شهور وهو ينتظر إرسال نصيبه من أمريكا... فماذا يفعل؟

الإجابــة:

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فقبل الجواب عما سألت عنه نريد أن ننبهك إلى أن هذا الرجل إذا لم يكن محرما لتلك المرأة فليس مباحاً ما قام به من خدمتها طيلة الفترة المذكورة، إذا كان سيترتب على تلك الخدمة محظور من الخلوة بها وملامستها ورؤية عورتها وغير ذلك مما يحرمه الشرع.

وفيما يتعلق بموضوع سؤالك، فإن للمرء أن يوصي بشيء من ماله لا يزيد عن الثلث لغير وارثه، ففي الصحيحين من حديث سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه، قال: قلت يا رسول الله أوصي بمالي كله؟ قال: لا، قلت: فالشطر؟ قال: لا، قلت: الثلث، قال: فالثلث، والثلث كثير. إنك إن تدع ورثتك أغنياء خير من أن تدعهم عالة يتكففون الناس.

ثم إن الوصية للكنائس لا تصح، لأنها وصية بمعصية، قال الشيخ تقي الدين السبكي رحمه الله تعالى: إنه لم يكن قط شرع يسوغ فيه لأحد أن يبني مكاناً يكفر فيه بالله، فالشرائع كلها متفقة على تحريم الكفر، ويلزم من تحريم الكفر تحريم إنشاء المكان المتخذ له، والكنيسة اليوم لا تتخذ إلا لذلك، وكانت محرمة معدودة من المحرمات في كل ملة، وإعادة الكنيسة القديمة كذلك، لأنه إنشاء بناء لها وترميمها أيضاً كذلك، لأنه جزء من الحرام ولأنه إعانة على الحرام.

وقال السبكي أيضاً: فإن بناء الكنيسة حرام بالإجماع وكذا ترميمها، وكذلك قال الفقهاء: لو وصى ببناء كنيسة فالوصية باطلة، لأن بناء الكنيسة معصية وكذلك ترميمها، ولا فرق بين أن يكون الموصي مسلماً أو كافراً، فبناؤها وإعادتها وترميمها معصية -مسلماً كان الفاعل لذلك أو كافراً- هذا شرع النبي صلى الله عليه وسلم.

كما أن الوصية لمستشفيات الكلاب لا تصح أيضاً، لأن الكلاب لا يصح تملكها وما لا يصح تملكه لا يصح أن يوصى له، قال الشيخ خليل بن إسحاق رحمه الله: صح إيصاء حر مميز مالك وإن سفيها أو صغيراً.... إلى أن قال: لمن يصح تملكه.

وإذا افترضنا أن الوصية هي للمستشفيات وليست للكلاب فإن المستشفيات لا تملك أيضاً، ولا يمكن قياسها على المساجد والمدارس ونحوها، لأن ما يوصى به للمساجد والمدارس إنما يقصد به نفع عمارها، فهو إذاً موصىً به لمنافع بشرية، وليس كذلك مستشفيات الكلاب، وعليه فإذا توفيت المرأة المذكورة فمن حق الرجل الموصى له أن يستفيد مما أوصي به له إذا كان ثلث متروك المتوفاة أو أقل، وإن كان أكثر من ذلك فليس له منه إلا الثلث، إلا أن يجيز الورثة له ما زاد على الثلث، وباقي المال يرجع إلى ورثة المرأة إن كان لها ورثة مسلمون، وإلا كان مصرفه بيت مال المسلمين، وإذا لم يوجد بيت مال للمسلمين، أو كان ما يوضع فيه يصرف في غير مصارفه الشرعية، فإن باقي المال يصرف في مصالح المسلمين العامة إذا لم يكن ثمت ورثة، ومن مصالح المسلمين العامة إقامة مشروعات خيرية.

والله أعلم.

 

www.islamweb.net