الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                        فصل [في السن التي يحرم فيها الرضاع]

                                                                                                                                                                                        الرضاع يحرم إذا كان المرضع في الحولين، لقول الله تعالى والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين [البقرة: 233].

                                                                                                                                                                                        واختلف في موضعين:

                                                                                                                                                                                        أحدهما: فيما زاد على الحولين إلى ثلاثة أشهر.

                                                                                                                                                                                        والثاني: إذا فطم قبل الحولين وانتقل عيشه إلى الطعام ثم يرضع.

                                                                                                                                                                                        فأما الزيادة فاختلف فيها على أربعة أقوال:

                                                                                                                                                                                        فقال مالك في "المختصر": إن كانت الزيادة الأيام اليسيرة، حرم. [ ص: 2147 ]

                                                                                                                                                                                        وقال في "الحاوي" مثل نقصان الشهور. وإليه ذهب سحنون.

                                                                                                                                                                                        وقال أبو الحسن بن القصار: يحرم بمثل زيادة الشهر. قال: وليس بالقياس، لقوله تعالى: وحمله وفصاله ثلاثون شهرا [الأحقاف: 15]. يريد أن القياس ألا يزاد على الحولين.

                                                                                                                                                                                        وروى عنه عبد الملك أنه قال: لا يزاد على الشهر ونحوه.

                                                                                                                                                                                        وقال في "المدونة": الشهر والشهرين. وروى عنه الوليد بن مسلم في "مختصر ما ليس في المختصر": أنه يحرم إلى ثلاثة أشهر. وهو أحسن.

                                                                                                                                                                                        ومحمل الآية في السنتين أنها كافية للمرضع، وليس أنه لا منفعة له فيما زاد، ولقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "لا يحرم من الرضاع إلا ما فتق الأمعاء في الثدي وكان قبل الفطام" وهذا حديث صحيح ذكره الترمذي.

                                                                                                                                                                                        فعلق التحريم بما كان قبل الفطام، وقبل أن ينتقل غذاؤه عن اللبن، وهذا لم يفطم، واللبن قوام جسمه يشبع لوجوده ويجوع لعدمه، وهذا إذا كان [ ص: 2148 ] مقصورا على الرضاع، أو يأكل مع ذلك ما يضر به الاقتصار عليه دون الرضاع.

                                                                                                                                                                                        وقال ابن القاسم: إن فطم ثم أرضعته امرأة بعد فصاله بيوم أو يومين أو ما أشبه ذلك، حرم. قال: لأنه لو أعيد إلى اللبن لكان له قوة في غذائه، وعيشة له.

                                                                                                                                                                                        واختلف إذا فطم بعد السنة وانتقل عيشه إلى الطعام، ثم أرضعته امرأة بعد ذلك قبل تمام الحولين؛ فقال ابن القاسم: لا يحرم. وقال مطرف وابن الماجشون وأصبغ في "كتاب ابن حبيب": يحرم إلى تمام الحولين.

                                                                                                                                                                                        وأرى إن كان الرضاع مصة ومصتين ألا يحرم، وإن أعيد إلى الرضاع وأسقط الطعام حرم. [ ص: 2149 ]

                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية