الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 263 ] فصل

ومنهم من يتمكن الإيمان والعلم من قلبه ، فإذا جاء الأمر قام إليه ، وبادر بجمعيته ، فإن صحبته وإلا طرحها ، وبادر إلى الأمر ، وعلم أنه لا يسعه غير ذلك ، وأن الجمعية فضل ، والأمر فرض ، ومن ضيع الفروض للفضول حيل بينه وبين الوصول ، لكن إذا جاءت المندوبات ، التي هي محل الأرباح والمكاسب العظيمة ، والمصالح الراجحة من عيادة المريض ، واتباع الجنازة ، والجهاد المستحب ، وطلب العلم النافع ، والخلطة التي ينتفع بها وينفع غيره ، ولم يؤثرها على جمعيته ، إذا رأى جمعيته خيرا له وأنفع منها - فهذا غير آثم ولا مفرط إلا إذا تركها رغبة عنها بالكلية ، واستبدالا بالجمعية ، فهذا ناقص .

أما إذا قام بها أحيانا وتركها أحيانا لاشتغاله بجمعيته ، فهذا غير مذموم ، بل هذا حقيقة الاعتكاف المشروع ، وهو جمعية العبد على ربه وخلوته به ، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يحتجر بحصير في المسجد في اعتكافه ، يخلو به مع ربه عز وجل ، ولم يكن يشتغل بتعليم الصحابة وتذكيرهم في تلك الحال ، ولهذا كان المشهور من مذهب أحمد وغيره أنه لا يستحب للمعتكف إقراء القرآن والعلم ، وخلوته للذكر والعبادة أفضل له ، واحتجوا بفعل النبي صلى الله عليه وسلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية