الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( ، والأصح أنه لا يكفي في التعديل قول المدعى عليه هو عدل ، وقد غلط ) في شهادته علي لما مر أن الاستزكاء حق لله تعالى ، ولهذا لا يجوز الحكم بشهادة فاسق ، وإن رضي الخصم ، ومقابله الاكتفاء بذلك في الحكم عليه لا في التعديل إذ لا قائل به ، وقوله : وقد غلط ليس بشرط ، بل هو بيان ؛ لأن إنكاره مع اعترافه بعدالته مستلزم لنسبته للغلط ، وإن لم يصرح به فإن قال عدل فيما شهد به علي كان إقرارا منه به ، ويسن له ، ولا يلزمه .

                                                                                                                              وإن طلب الخصم إذا ارتاب فيهم لكن بقيده الآتي قبيل الحسبة ، وفي المنتقبة ، وإلا وجب أن يفرقهم ، ويسأل كلا ، ويستقصي ، ثم يسأل الثاني قبل اجتماع الأول به ، ويستقصي ، ويعمل بما غلب على ظنه ، والأولى كون ذلك قبل التزكية ، ولهم أن لا يجيبوه ، ويلزمه حينئذ القضاء إن وجدت شروطه ، ولا عبرة بريبة يجدها ، ولو قال : لا دافع لي فيه ، ثم أتى ببينة بنحو عداوته ، أو فسقه ، وادعى أنه كان جاهلا بذلك قبل قوله : بيمينه على ما ذكره بعضهم فله بعد حلفه إقامة البينة بذلك فإن قلت : أطلقوا [ ص: 163 ] قبوله في لا بينة لي ، وما معه مما مر آنفا الظاهر ، أو الصريح في أنه لا يمين عليه ، وهذا يرد على ذلك البعض قلت يمكن الفرق بأن التنافي هنا أظهر ؛ لأنه نفى القادح على العموم ثم أثبت بعضه في شخص واحد فاحتاج ليمين تؤيد صدقه في ذلك الإثبات ، وأما ثم فإتيانه ببينة لا ينافي لا بينة لي من كل وجه ؛ لأنهما لم يتواردا على شيء واحد ، وأما قولهم قد يكون له بينة ، ولا يعلمها فلا فارق فيه ؛ لأنه قد يكون عدوه مثلا ، وهو لا يعلمه ، ولو أقام بينة على إقرار المدعي بأن شاهديه شربا الخمر مثلا ، وقت كذا فإن كان بينه ، وبين الأداء دون سنة ردا ، وإلا فلا ، ولو لم يعينا للشرب وقتا سئل المقر ، وحكم بما يقتضيه تعيينه فإن أبى عن التعيين توقف عن الحكم ، ولو ادعى الخصم أن المدعي أقر بنحو فسق بينته ، وأقام شاهدا ليحلف معه بنى على ما لو قال بعد بينته : شهودي فسقة ، والأصح بطلان بينته لا دعواه فلا يحلف الخصم مع شاهده ؛ لأن الغرض الطعن في البينة ، وهو لا يثبت بشاهد ، ويمين ، ولو شهدا بأن هذا ملكه ، ورثه فشهد آخران بأنهما ذكرا بعد موت الأب أنهما ليسا بشاهدين في هذه الحادثة ، أو أنهما ابتاعا الدار منه ردا ، وإيهام الروضة خلاف ذلك غير مراد .

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله : فإن قال عدل فيما شهد به على ) كتب عليه م ر ( قوله : لكن بقيده الآتي ) سكت عنه م ر ( قوله : ولهم أن لا يجيبوه ) كتب عليه م ر [ ص: 163 ] قوله : لأنهما لم يتواردا على شيء واحد ) فيه شيء في كل بينة أقيمها زور ، ويجاب بأن غاية الأمر أنه عام في الأشخاص ، وهو يقبل التخصيص ( قوله : ولو أقام بينة على إقرار المدعي بأن شاهديه إلخ . ) كتب عليه م ر ( قوله : ولو لم يعينا للشرب ، وقتا إلخ . ) كتب عليه م ر ( قوله : ولو ادعى الخصم أن المدعي أقر بنحو فسق إلخ . ) كتب عليه م ر ( قوله : ولو شهدا بأن هذا ملكه ، ورثه إلخ . ) كتب عليه م ر



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( قوله : في شهادته ) إلى قوله : ولو قال لا رافع في المغني إلا قوله : ولا يلزمه إلى أن يفرقهم ، وإلى الباب في النهاية إلا قوله : ذلك ، وقوله : أتى ببينة إلى أقام بينة ( قوله : ومقابله إلخ . ) عبارة المغني تنبيه كلامه يقتضي أن مقابل الأصح الاكتفاء بذلك في التعديل ، ولا قائل به ، وإنما مقابله الاكتفاء به في الحكم على المدعى عليه بذلك ؛ لأن الحق له ، وقد اعترف بعدالته . ا هـ . ( قوله : إذا ارتاب فيهم ) أو توهم غلطهم لخفة عقل وجدها فيهم ، وإن لم يرتب بهم ، ولا توهم غلطهم فلا يفرقهم ، وإن طلب منه الخصم تفريقهم ؛ لأن فيه غضا منهم مغني ، وروض مع شرحه ( قوله : وفي المنتقبة ) عطف على قبيل الحسبة ( قوله : وإلا ) أي : وإن انتفى القيد الآتي سيد عمر ( قوله : أن يفرقهم ) تنازع فيه قوله : ويسن له ، ولا يلزم ، وقوله : وجب ( قوله : كلا إلخ . ) مع قوله : ثم يسأل الثاني لعل هنا سقطة ، والأصل فيسأل واحد ، ويستقصي ، ثم يسأل إلخ . عبارة المغني ، والروض مع شرحه ، ويسأل كلا منهم عن زمان تحمل الشهادة عاما ، وشهرا ، ويوما ، وغدوة ، أو عشية ، وعمن حضر معه من الشهود ، وعمن كتب شهادته معه ، وأنه بحبر ، أو مداد ، ونحو ذلك ليستدل على صدقهم إن اتفقت كلمتهم ، وإلا فيقف عن الحكم ، وإذا أجابه أحدهم لم يدعه يرجع إلى الباقين حتى يسألهم لئلا يخبرهم بجوابه ، فإن امتنعوا من التفصيل ، ورأى أن يعظهم ، ويحذرهم عقوبة شهادة الزور ، وعظهم ، وحذرهم ، فإن أصروا على شهادتهم ، ولم يفصلوا وجب عليه القضاء إلخ .

                                                                                                                              ( قوله : والأولى كون ذلك قبل التزكية ) أي : لا بعدها ؛ لأنه إن اطلع على عورة استغنى عن الاستزكاء ، والبحث عن حالهم أسنى ومغني ( قوله : بذلك ) أي : بنحو عداوته ، أو فسقه ( قوله : [ ص: 163 ] في شخص إلخ . ) تنازع فيه الفعلان ( قوله : لا ينافي إلخ . ) هذا يخالف قول المناطقة أن الموجبة الجزئية نقيض السالبة الكلية ( قوله : ؛ لأنهما لم يتواردا على شيء واحد ) فيه شيء في كل بينة أقيمها زور ، ويجاب بأن غاية الأمر أنه عام في الأشخاص ، وهو يقبل التخصيص . ا هـ . سم ( قوله : بينة ) أي : وقت الشرب ( قوله : ولو لم يعينا ) أي : شاهدا الإقرار ( قوله : توقف عن الحكم ) هل ندبا كما هو قياس ما قدمه قبيل قول المتن ، والأصح أنه إلخ . أو وجوبا كما هو قياس ما قدمته عن الأسنى ، وغيره ، وهذا هو الأقرب فليراجع ( قوله : ، والأصح بطلان بينته لا دعواه ) لعل مقابله بطلان دعواه أيضا فعليه يحلف الخصم مع شاهده ؛ لأن الغرض حينئذ إبطال الدعوى لا الطعن في البينة ( قوله : وإيهام الروضة إلخ . ) أقول القياس ما في الروضة كما تقدم للمصنف من أنه لو قال : لا بينة لي ثم أحضرها قبلت ؛ لأنه ربما لم يعرف له بينة ، أو نسي ، أو نحو ذلك فكذلك البينة هنا يحتمل أنهما حين قولهما لسنا بشاهدين في هذه القضية نسيا . ا هـ .

                                                                                                                              ع ش




                                                                                                                              الخدمات العلمية