فصل اللمم
فأما اللمم فقد روي عن جماعة من السلف أنه الإلمام بالذنب مرة ، ثم لا يعود إليه ، وإن كان كبيرا ، قال
البغوي : هذا قول
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة ،
ومجاهد ،
والحسن ، ورواية
عطاء عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ، قال : وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13عبد الله بن عمرو بن العاص :
nindex.php?page=treesubj&link=21481اللمم ما دون الشرك قال
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي : قال
أبو صالح : سئلت عن قول الله عز وجل :
nindex.php?page=tafseer&surano=53&ayano=32إلا اللمم ؟ فقلت : هو الرجل يلم بالذنب ثم لا يعاوده فذكرت ذلك
nindex.php?page=showalam&ids=11لابن عباس فقال : لقد أعانك عليها ملك كريم .
والجمهور على أن
nindex.php?page=treesubj&link=21481اللمم ما دون الكبائر ، وهو أصح الروايتين عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ، كما في صحيح
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري من حديث
nindex.php?page=showalam&ids=16248طاووس عنه قال : ما رأيت أشبه باللمم مما قال
nindex.php?page=showalam&ids=3أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=980227إن الله كتب على ابن آدم حظه من الزنا ، أدرك ذلك لا محالة ، فزنا العين النظر ، وزنا اللسان النطق ، والنفس تمنى وتشتهي ، والفرج يصدق ذلك أو يكذبه رواه
مسلم من حديث
nindex.php?page=showalam&ids=16068سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة ، وفيه
nindex.php?page=hadith&LINKID=980228والعينان زناهما النظر ، والأذنان زناهما الاستماع ، واللسان زناه الكلام ، واليد زناها البطش ، والرجل زناها الخطى .
وقال
الكلبي :
nindex.php?page=treesubj&link=21481اللمم على وجهين ، كل ذنب لم يذكر الله عليه حدا في الدنيا ، ولا عذابا في الآخرة ، فذلك الذي تكفره الصلوات الخمس ، ما لم يبلغ الكبائر والفواحش ، والوجه الآخر هو الذنب العظيم ، يلم به المسلم المرة بعد المرة ، فيتوب منه .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=15990سعيد بن المسيب : هو ما ألم بالقلب ، أي ما خطر عليه .
[ ص: 324 ] قال
nindex.php?page=showalam&ids=14127الحسين بن الفضل : اللمم النظر من غير تعمد ، فهو مغفور ، فإن أعاد النظر فليس بلمم ، وهو ذنب ، وقد روى
عطاء عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=980229
إن تغفر اللهم تغفر جما وأي عبد لك لا ألما
وذهبت طائفة ثالثة إلى أن اللمم ما فعلوه في الجاهلية قبل إسلامهم ، فالله لا يؤاخذهم به ، وذلك أن المشركين قالوا للمسلمين : أنتم بالأمس كنتم تعملون معنا ، فأنزل الله هذه الآية ، وهذا قول
nindex.php?page=showalam&ids=47زيد بن ثابت ،
nindex.php?page=showalam&ids=15944وزيد بن أسلم .
والصحيح قول الجمهور أن
nindex.php?page=treesubj&link=21481اللمم صغائر الذنوب ، كالنظرة ، والغمزة ، والقبلة ، ونحو ذلك ، هذا قول جمهور الصحابة ومن بعدهم ، وهو قول
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة nindex.php?page=showalam&ids=10وعبد الله بن مسعود ،
nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس ،
ومسروق ،
nindex.php?page=showalam&ids=14577والشعبي ، ولا ينافي هذا قول
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة ،
nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس في الرواية الأخرى : إنه يلم بالكبيرة ثم لا يعود إليها ، فإن اللمم إما أنه يتناول هذا وهذا ، ويكون على وجهين ، كما قال
الكلبي ، أو أن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبا هريرة ،
nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس ألحقا من ارتكب الكبيرة مرة واحدة - ولم يصر عليها ، بل حصلت منه فلتة في عمره - باللمم ، ورأيا أنها إنما تتغلظ وتكبر وتعظم في حق من تكررت منه مرارا عديدة ، وهذا من فقه الصحابة رضي الله عنهم وغور علومهم ، ولا ريب أن الله يسامح عبده المرة والمرتين والثلاث ، وإنما يخاف العنت على من اتخذ الذنب عادته ، وتكرر منه مرارا كثيرة ، وفي ذلك آثار سلفية ، والاعتبار بالواقع يدل على هذا ، ويذكر عن
علي رضي الله عنه أنه دفع إليه سارق ، فأمر بقطع يده ، فقال : يا أمير المؤمنين ، والله ما سرقت غير هذه المرة ، فقال : كذبت ، فلما قطعت يده قال : اصدقني ، كم لك بهذه المرة ؟ فقال : كذا وكذا مرة ؟ فقال : صدقت ، إن الله لا يؤاخذ بأول ذنب ، أو كما قال ، فأول ذنب إن لم يكن هو اللمم ، فهو من جنسه ونظيره ، فالقولان عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة ،
nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس متفقان غير مختلفين ، والله أعلم .
[ ص: 325 ] وهذه اللفظة فيها معنى المقاربة والإعتاب بالفعل حينا بعد حين ، فإنه يقال : ألم بكذا ، إذا قاربه ولم يغشه ، ومن هذا
nindex.php?page=treesubj&link=21481سميت القبلة والغمزة لمما ، لأنها تلم بما بعدها ، ويقال : فلان لا يزورنا إلا لماما ، أي حينا بعد حين ، فمعنى اللفظة ثابت في الوجهين اللذين فسر الصحابة بهما الآية ، وليس معنى الآية الذين يجتنبون كبائر الإثم والفواحش إلا اللمم فإنهم لا يجتنبونه ، فإن هذا يكون ثناء عليهم بترك اجتناب اللمم ، وهذا محال ، وإنما هذا استثناء من مضمون الكلام ومعناه ، فإن سياق الكلام في تقسيم الناس إلى محسن ومسيء ، وأن الله يجزي هذا بإساءته وهذا بإحسانه ، ثم ذكر المحسنين ووصفهم بأنهم يجتنبون كبائر الإثم والفواحش ، ومضمون هذا أنه لا يكون محسنا مجزيا بإحسانه ، ناجيا من عذاب الله ، إلا من اجتنب كبائر الإثم والفواحش ، فحسن حينئذ استثناء اللمم ، وإن لم يدخل في الكبائر ، فإنه داخل في جنس الإثم والفواحش .
وضابط الانقطاع أن يكون له دخول في جنس المستثنى منه ، وإن لم يدخل في نفسه ، ولم يتناوله لفظه ، كقوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=62لا يسمعون فيها لغوا إلا سلاما فإن السلام داخل في الكلام الذي هو جنس اللغو والسلام ، وكذلك قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=78&ayano=24لا يذوقون فيها بردا ولا شرابا إلا حميما وغساقا فإن الحميم والغساق داخل في جنس الذوق المنقسم ، فكأنه قيل في الأول : لا يسمعون فيها شيئا إلا سلاما ، وفي الثاني : لا يذوقون فيها شيئا إلا حميما وغساقا ، ونص على فرد من أفراد الجنس تصريحا ، ليكون نفيه بطريق التصريح والتنصيص ، لا بطريق العموم الذي يتطرق إليه تخصيص هذا الفرد ، وكذلك قوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=157ما لهم به من علم إلا اتباع الظن فإن الظن داخل في الشعور الذي هو جنس العلم والظن .
وأدق من هذا دخول الانقطاع فيما يفهمه الكلام بلازمه ، كقوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=22ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء إلا ما قد سلف إذ مفهوم هذا أن نكاح منكوحات الآباء سبب للعقوبة إلا ما قد سلف منه قبل التحريم ، فإنه عفو ، وكذلك
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=23وأن تجمعوا بين الأختين إلا ما قد سلف وإن كان المراد به ما كان في شرع من
[ ص: 326 ] تقدم فهو استثناء من القبح المفهوم من ذلك التحريم والذم لمن فعله ، فحسن أن يقال : إلا ما قد سلف .
فتأمل هذا فإنه من فقه العربية .
وأما قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=44&ayano=56لا يذوقون فيها الموت إلا الموتة الأولى فهذا الاستثناء هو لتحقيق دوام الحياة وعدم ذوق الموت ، وهو يجعل النفي الأول العام بمنزلة النص الذي لا يتطرق إليه استثناء البتة ، إذ لو تطرق إليه استثناء فرد من أفراده لكان أولى بذكره من العدول عنه إلى الاستثناء المنقطع ، فجرى هذا الاستثناء مجرى التأكيد ، والتنصيص على حفظ العموم ، وهذا جار في كل منقطع ، فتأمله فإنه من أسرار العربية .
فقوله : وما بالربع من أحد إلا الأواري ، يفهم منه لو وجدت فيها أحدا لاستثنيته ولم أعدل إلى الأواري التي ليست بأحد .
وقريب من هذا لفظة " أو " في قوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=74ثم قست قلوبكم من بعد ذلك فهي كالحجارة أو أشد قسوة وقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=147وأرسلناه إلى مائة ألف أو يزيدون هو كالتنصيص على أن المراد بالأول الحقيقة لا المبالغة ، فإنها إن لم تزد قسوتها على الحجارة فهي كالحجارة في القسوة لا دونها ، وأنه إن لم يزد عددهم على مائة ألف لم ينقص عنها ، فذكر " أو " هاهنا كالتنصيص على حفظ المائة الألف ، وأنها ليست مما أريد بها المبالغة ، والله أعلم .
فَصْلُ اللَّمَمِ
فَأَمَّا اللَّمَمُ فَقَدْ رُوِيَ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنَ السَّلَفِ أَنَّهُ الْإِلْمَامُ بِالذَّنْبِ مَرَّةً ، ثُمَّ لَا يَعُودُ إِلَيْهِ ، وَإِنْ كَانَ كَبِيرًا ، قَالَ
الْبَغَوِيُّ : هَذَا قَوْلُ
nindex.php?page=showalam&ids=3أَبِي هُرَيْرَةَ ،
وَمُجَاهِدٍ ،
وَالْحَسَنِ ، وَرِوَايَةُ
عَطَاءٍ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ ، قَالَ : وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ :
nindex.php?page=treesubj&link=21481اللَّمَمُ مَا دُونَ الشِّرْكِ قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14468السُّدِّيُّ : قَالَ
أَبُو صَالِحٍ : سُئِلْتُ عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ :
nindex.php?page=tafseer&surano=53&ayano=32إِلَّا اللَّمَمَ ؟ فَقُلْتُ : هُوَ الرَّجُلُ يُلِمُّ بِالذَّنْبِ ثُمَّ لَا يُعَاوِدُهُ فَذَكَرْتُ ذَلِكَ
nindex.php?page=showalam&ids=11لِابْنِ عَبَّاسٍ فَقَالَ : لَقَدْ أَعَانَكَ عَلَيْهَا مَلَكٌ كَرِيمٌ .
وَالْجُمْهُورُ عَلَى أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=21481اللَّمَمَ مَا دُونَ الْكَبَائِرِ ، وَهُوَ أَصَحُّ الرِّوَايَتَيْنِ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ ، كَمَا فِي صَحِيحِ
nindex.php?page=showalam&ids=12070الْبُخَارِيِّ مِنْ حَدِيثِ
nindex.php?page=showalam&ids=16248طَاوُوسٍ عَنْهُ قَالَ : مَا رَأَيْتُ أَشْبَهَ بِاللَّمَمِ مِمَّا قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=3أَبُو هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=980227إِنَّ اللَّهَ كَتَبَ عَلَى ابْنِ آدَمَ حَظَّهُ مِنَ الزِّنَا ، أَدْرَكَ ذَلِكَ لَا مَحَالَةَ ، فَزِنَا الْعَيْنِ النَّظَرُ ، وَزِنَا اللِّسَانِ النُّطْقُ ، وَالنَّفْسُ تَمَنَّى وَتَشْتَهِي ، وَالْفَرْجُ يُصَدِّقُ ذَلِكَ أَوْ يُكَذِّبُهُ رَوَاهُ
مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ
nindex.php?page=showalam&ids=16068سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=3أَبِي هُرَيْرَةَ ، وَفِيهِ
nindex.php?page=hadith&LINKID=980228وَالْعَيْنَانِ زِنَاهُمَا النَّظَرُ ، وَالْأُذُنَانِ زِنَاهُمَا الِاسْتِمَاعُ ، وَاللِّسَانُ زِنَاهُ الْكَلَامُ ، وَالْيَدُ زِنَاهَا الْبَطْشُ ، وَالرِّجْلُ زِنَاهَا الْخُطَى .
وَقَالَ
الْكَلْبِيُّ :
nindex.php?page=treesubj&link=21481اللَّمَمُ عَلَى وَجْهَيْنِ ، كُلُّ ذَنْبٍ لَمْ يَذْكُرِ اللَّهُ عَلَيْهِ حَدًّا فِي الدُّنْيَا ، وَلَا عَذَابًا فِي الْآخِرَةِ ، فَذَلِكَ الَّذِي تُكَفِّرُهُ الصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ ، مَا لَمْ يَبْلُغِ الْكَبَائِرَ وَالْفَوَاحِشَ ، وَالْوَجْهُ الْآخَرُ هُوَ الذَّنْبُ الْعَظِيمُ ، يُلِمُّ بِهِ الْمُسْلِمُ الْمَرَّةَ بَعْدَ الْمَرَّةِ ، فَيَتُوبُ مِنْهُ .
قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=15990سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ : هُوَ مَا أَلَمَّ بِالْقَلْبِ ، أَيْ مَا خَطَرَ عَلَيْهِ .
[ ص: 324 ] قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14127الْحُسَيْنُ بْنُ الْفَضْلِ : اللَّمَمُ النَّظَرُ مِنْ غَيْرِ تَعَمُّدٍ ، فَهُوَ مَغْفُورٌ ، فَإِنْ أَعَادَ النَّظَرَ فَلَيْسَ بِلَمَمٍ ، وَهُوَ ذَنْبٌ ، وَقَدْ رَوَى
عَطَاءٌ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=980229
إِنْ تَغْفِرِ اللَّهُمَّ تَغْفِرْ جَمَّا وَأَيُّ عَبْدٍ لَكَ لَا أَلَمَّا
وَذَهَبَتْ طَائِفَةٌ ثَالِثَةٌ إِلَى أَنَّ اللَّمَمَ مَا فَعَلُوهُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ قَبْلَ إِسْلَامِهِمْ ، فَاللَّهُ لَا يُؤَاخِذُهُمْ بِهِ ، وَذَلِكَ أَنَّ الْمُشْرِكِينَ قَالُوا لِلْمُسْلِمِينَ : أَنْتُمْ بِالْأَمْسِ كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ مَعَنَا ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ هَذِهِ الْآيَةَ ، وَهَذَا قَوْلُ
nindex.php?page=showalam&ids=47زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ ،
nindex.php?page=showalam&ids=15944وَزَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ .
وَالصَّحِيحُ قَوْلُ الْجُمْهُورِ أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=21481اللَّمَمَ صَغَائِرُ الذُّنُوبِ ، كَالنَّظْرَةِ ، وَالْغَمْزَةِ ، وَالْقُبْلَةِ ، وَنَحْوِ ذَلِكَ ، هَذَا قَوْلُ جُمْهُورِ الصَّحَابَةِ وَمَنْ بَعْدَهُمْ ، وَهُوَ قَوْلُ
nindex.php?page=showalam&ids=3أَبِي هُرَيْرَةَ nindex.php?page=showalam&ids=10وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ ،
nindex.php?page=showalam&ids=11وَابْنِ عَبَّاسٍ ،
وَمَسْرُوقٍ ،
nindex.php?page=showalam&ids=14577وَالشَّعْبِيِّ ، وَلَا يُنَافِي هَذَا قَوْلُ
nindex.php?page=showalam&ids=3أَبِي هُرَيْرَةَ ،
nindex.php?page=showalam&ids=11وَابْنِ عَبَّاسٍ فِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى : إِنَّهُ يُلِمُّ بِالْكَبِيرَةِ ثُمَّ لَا يَعُودُ إِلَيْهَا ، فَإِنَّ اللَّمَمَ إِمَّا أَنَّهُ يَتَنَاوَلُ هَذَا وَهَذَا ، وَيَكُونُ عَلَى وَجْهَيْنِ ، كَمَا قَالَ
الْكَلْبِيُّ ، أَوْ أَنَّ
nindex.php?page=showalam&ids=3أَبَا هُرَيْرَةَ ،
nindex.php?page=showalam&ids=11وَابْنَ عَبَّاسٍ أَلْحَقَا مَنِ ارْتَكَبَ الْكَبِيرَةَ مَرَّةً وَاحِدَةً - وَلَمْ يُصِرَّ عَلَيْهَا ، بَلْ حَصَلَتْ مِنْهُ فَلْتَةٌ فِي عُمْرِهِ - بِاللَّمَمِ ، وَرَأَيَا أَنَّهَا إِنَّمَا تَتَغَلَّظُ وَتَكْبُرُ وَتَعْظُمُ فِي حَقِّ مَنْ تَكَرَّرَتْ مِنْهُ مِرَارًا عَدِيدَةً ، وَهَذَا مِنْ فِقْهِ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَغَوْرِ عُلُومِهِمْ ، وَلَا رَيْبَ أَنَّ اللَّهَ يُسَامِحُ عَبْدَهُ الْمَرَّةَ وَالْمَرَّتَيْنِ وَالثَّلَاثَ ، وَإِنَّمَا يُخَافُ الْعَنَتُ عَلَى مَنِ اتَّخَذَ الذَّنْبَ عَادَتَهُ ، وَتَكَرَّرَ مِنْهُ مِرَارًا كَثِيرَةً ، وَفِي ذَلِكَ آثَارٌ سَلَفِيَّةٌ ، وَالِاعْتِبَارُ بِالْوَاقِعِ يَدُلُّ عَلَى هَذَا ، وَيُذْكَرُ عَنْ
عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ دُفِعَ إِلَيْهِ سَارِقٌ ، فَأَمَرَ بِقَطْعِ يَدِهِ ، فَقَالَ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ، وَاللَّهِ مَا سَرَقْتُ غَيْرَ هَذِهِ الْمَرَّةِ ، فَقَالَ : كَذَبْتَ ، فَلَمَّا قُطِعَتْ يَدُهُ قَالَ : اصْدُقْنِي ، كَمْ لَكَ بِهَذِهِ الْمَرَّةِ ؟ فَقَالَ : كَذَا وَكَذَا مَرَّةً ؟ فَقَالَ : صَدَقْتَ ، إِنَّ اللَّهَ لَا يُؤَاخِذُ بِأَوَّلِ ذَنْبٍ ، أَوْ كَمَا قَالَ ، فَأَوَّلُ ذَنْبٍ إِنْ لَمْ يَكُنْ هُوَ اللَّمَمَ ، فَهُوَ مِنْ جِنْسِهِ وَنَظِيرُهُ ، فَالْقَوْلَانِ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=3أَبِي هُرَيْرَةَ ،
nindex.php?page=showalam&ids=11وَابْنِ عَبَّاسٍ مُتَّفِقَانِ غَيْرُ مُخْتَلِفَيْنِ ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ .
[ ص: 325 ] وَهَذِهِ اللَّفْظَةُ فِيهَا مَعْنَى الْمُقَارَبَةِ وَالْإِعْتَابِ بِالْفِعْلِ حِينًا بَعْدَ حِينٍ ، فَإِنَّهُ يُقَالُ : أَلَمَّ بِكَذَا ، إِذَا قَارَبَهُ وَلَمْ يَغْشَهُ ، وَمِنْ هَذَا
nindex.php?page=treesubj&link=21481سُمِّيَتِ الْقُبْلَةُ وَالْغَمْزَةُ لَمَمًا ، لِأَنَّهَا تُلِمُّ بِمَا بَعْدَهَا ، وَيُقَالُ : فُلَانٌ لَا يَزُورُنَا إِلَّا لِمَامًا ، أَيْ حِينًا بَعْدَ حِينٍ ، فَمَعْنَى اللَّفْظَةِ ثَابِتٌ فِي الْوَجْهَيْنِ اللَّذَيْنِ فَسَّرَ الصَّحَابَةُ بِهِمَا الْآيَةَ ، وَلَيْسَ مَعْنَى الْآيَةِ الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ إِلَّا اللَّمَمَ فَإِنَّهُمْ لَا يَجْتَنِبُونَهُ ، فَإِنَّ هَذَا يَكُونُ ثَنَاءً عَلَيْهِمْ بِتَرْكِ اجْتِنَابِ اللَّمَمِ ، وَهَذَا مُحَالٌ ، وَإِنَّمَا هَذَا اسْتِثْنَاءٌ مِنْ مَضْمُونِ الْكَلَامِ وَمَعْنَاهُ ، فَإِنَّ سِيَاقَ الْكَلَامِ فِي تَقْسِيمِ النَّاسِ إِلَى مُحْسِنٍ وَمُسِيءٍ ، وَأَنَّ اللَّهَ يَجْزِي هَذَا بِإِسَاءَتِهِ وَهَذَا بِإِحْسَانِهِ ، ثُمَّ ذَكَرَ الْمُحْسِنِينَ وَوَصْفَهُمْ بِأَنَّهُمْ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ ، وَمَضْمُونُ هَذَا أَنَّهُ لَا يَكُونُ مُحْسِنًا مَجْزِيًّا بِإِحْسَانِهِ ، نَاجِيًا مِنْ عَذَابِ اللَّهِ ، إِلَّا مَنِ اجْتَنَبَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ ، فَحَسُنَ حِينَئِذٍ اسْتِثْنَاءُ اللَّمَمِ ، وَإِنْ لَمْ يَدْخُلْ فِي الْكَبَائِرِ ، فَإِنَّهُ دَاخِلٌ فِي جِنْسِ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشِ .
وَضَابِطُ الِانْقِطَاعِ أَنْ يَكُونَ لَهُ دُخُولٌ فِي جِنْسِ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ ، وَإِنْ لَمْ يَدْخُلْ فِي نَفْسِهِ ، وَلَمْ يَتَنَاوَلْهُ لَفْظُهُ ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=62لَا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا إِلَّا سَلَامًا فَإِنَّ السَّلَامَ دَاخِلٌ فِي الْكَلَامِ الَّذِي هُوَ جِنْسُ اللَّغْوِ وَالسَّلَامِ ، وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=78&ayano=24لَا يَذُوقُونَ فِيهَا بَرْدًا وَلَا شَرَابًا إِلَّا حَمِيمًا وَغَسَّاقًا فَإِنَّ الْحَمِيمَ وَالْغَسَّاقَ دَاخِلٌ فِي جِنْسِ الذَّوْقِ الْمُنْقَسِمِ ، فَكَأَنَّهُ قِيلَ فِي الْأَوَّلِ : لَا يَسْمَعُونَ فِيهَا شَيْئًا إِلَّا سَلَامًا ، وَفِي الثَّانِي : لَا يَذُوقُونَ فِيهَا شَيْئًا إِلَّا حَمِيمًا وَغَسَّاقًا ، وَنَصَّ عَلَى فَرْدٍ مِنْ أَفْرَادِ الْجِنْسِ تَصْرِيحًا ، لِيَكُونَ نَفْيُهُ بِطَرِيقِ التَّصْرِيحِ وَالتَّنْصِيصِ ، لَا بِطْرِيقِ الْعُمُومِ الَّذِي يَتَطَرَّقُ إِلَيْهِ تَخْصِيصُ هَذَا الْفَرْدِ ، وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=157مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّبَاعَ الظَّنِّ فَإِنَّ الظَّنَّ دَاخِلٌ فِي الشُّعُورِ الَّذِي هُوَ جِنْسُ الْعِلْمِ وَالظَّنِّ .
وَأَدَقُّ مِنْ هَذَا دُخُولُ الِانْقِطَاعِ فِيمَا يُفْهِمُهُ الْكَلَامُ بِلَازِمِهِ ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=22وَلَا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ إِذْ مَفْهُومُ هَذَا أَنَّ نِكَاحَ مَنْكُوحَاتِ الْآبَاءِ سَبَبٌ لِلْعُقُوبَةِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ مِنْهُ قَبْلَ التَّحْرِيمِ ، فَإِنَّهُ عَفْوٌ ، وَكَذَلِكَ
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=23وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ وَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ بِهِ مَا كَانَ فِي شَرْعِ مَنْ
[ ص: 326 ] تَقَدَّمَ فَهُوَ اسْتِثْنَاءٌ مِنَ الْقُبْحِ الْمَفْهُومِ مِنْ ذَلِكَ التَّحْرِيمِ وَالذَّمِّ لِمَنْ فَعَلَهُ ، فَحَسُنَ أَنْ يُقَالَ : إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ .
فَتَأَمَّلْ هَذَا فَإِنَّهُ مِنْ فِقْهِ الْعَرَبِيَّةِ .
وَأَمَّا قَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=44&ayano=56لَا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلَّا الْمَوْتَةَ الْأُولَى فَهَذَا الِاسْتِثْنَاءُ هُوَ لِتَحْقِيقِ دَوَامِ الْحَيَاةِ وَعَدَمِ ذَوْقِ الْمَوْتِ ، وَهُوَ يَجْعَلُ النَّفْيَ الْأَوَّلَ الْعَامَّ بِمَنْزِلَةِ النَّصِّ الَّذِي لَا يَتَطَرَّقُ إِلَيْهِ اسْتِثْنَاءٌ الْبَتَّةَ ، إِذْ لَوْ تَطَرَّقَ إِلَيْهِ اسْتِثْنَاءُ فَرْدٍ مِنْ أَفْرَادِهِ لَكَانَ أَوْلَى بِذِكْرِهِ مِنَ الْعُدُولِ عَنْهُ إِلَى الِاسْتِثْنَاءِ الْمُنْقَطِعِ ، فَجَرَى هَذَا الِاسْتِثْنَاءُ مَجْرَى التَّأْكِيدِ ، وَالتَّنْصِيصِ عَلَى حِفْظِ الْعُمُومِ ، وَهَذَا جَارٍ فِي كُلِّ مُنْقَطِعٍ ، فَتَأَمَّلْهُ فَإِنَّهُ مِنْ أَسْرَارِ الْعَرَبِيَّةِ .
فَقَوْلُهُ : وَمَا بِالرَّبْعِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا الْأَوَارِيَّ ، يُفْهَمُ مِنْهُ لَوْ وَجَدْتُ فِيهَا أَحَدًا لَاسْتَثْنَيْتُهُ وَلَمْ أَعْدِلْ إِلَى الْأَوَارِيِّ الَّتِي لَيْسَتْ بِأَحَدٍ .
وَقَرِيبٌ مِنْ هَذَا لَفْظَةُ " أَوْ " فِي قَوْلِهِ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=74ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً وَقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=147وَأَرْسَلْنَاهُ إِلَى مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ هُوَ كَالتَّنْصِيصِ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْأَوَّلِ الْحَقِيقَةُ لَا الْمُبَالَغَةُ ، فَإِنَّهَا إِنْ لَمْ تَزِدْ قَسْوَتُهَا عَلَى الْحِجَارَةِ فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ فِي الْقَسْوَةِ لَا دُونَهَا ، وَأَنَّهُ إِنْ لَمْ يَزِدْ عَدَدُهُمْ عَلَى مِائَةِ أَلْفٍ لَمْ يَنْقُصْ عَنْهَا ، فَذِكْرُ " أَوْ " هَاهُنَا كَالتَّنْصِيصِ عَلَى حِفْظِ الْمِائَةِ الْأَلْفِ ، وَأَنَّهَا لَيْسَتْ مِمَّا أُرِيدَ بِهَا الْمُبَالَغَةُ ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ .